نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 100
قريش ، وفي نبل الهمة ، وأصالة الرأي ، وجودة البيان ، وكمال الجسم ، وفي تمام النفس عند الجولة ، وعند تقصّف الرماح ، وتقطع السيوف ) رجلا على مائدته ، مجهول الدار ، غير معروف النسب ، ولا مذكور بيوم صالح . فأبصر في لقمته شعرة ، فقال : خذ الشعرة من لقمتك . ولا وجه لهذا القول منه إلا محض النصيحة ، والا الشفقة . فقال الرجل : وإنك لتراعيني مراعاة من يبصر معها الشعرة ؟ لا جلست لك على مائدة ما حييت ، ولأحكينها عنك ما بقيت . فلم يدر الناس أي أمري معاوية كان أحسن وأجمل : تغافله عنه أم شفقته عليه . فكان هذا جزاؤه منه ، وشكره له . ثم قال : وكيف أطعم من إن رأيته يقصّر في الأكل فقلت له كل ، ولا تقصّر في الأكل . قال : ولم فطن لفضل ما بين التقصير وغيره ؟ وإن قصّر فلم أنشّطه ، ولم أحثّه . قال لو لا أنه وافق هواه . ثم قال : ومد رجل من بني تميم يده إلى صاحب الشراب يستسقيه ، وهو على خوان المهلَّب ، فلم يره الساقي ، ولم يفطن له . ففعل ذلك مرارا والمهلَّب يراه ، وقد أمسك عن الأكل الى أن يسيغ لقمته بالشراب . فلما طال ذلك على المهلَّب ، قال : اسقه يا غلام ما أحبّ من الشراب . فلما سقاه استقله ، وطلب الزيادة منه . وكان المهلب أوصاهم بالإقلال من الماء والإكثار من الخبز . قال التميمي : إنك لسريع الى السقي ، سريع الى الزيادة . وحبس يده عن الطعام . فقال المهلب : إله عن هذا أيها الرجل ، فإن هذا لا ينفعك ولا يضرّنا . أردنا أمرا وأردت خلافه . وقد علمت أني دون معاوية ، ودون المهلَّب بن أبي صفرة [1] ، وأنهم
[1] المهلب بن أبي صفرة : كان واليا لمصعب بن الزبير على البصرة ، ولعبد الملك بن مروان على خراسان .
100
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 100