< شعر > أيّها العائب عندي هواها أنت تفدي من أراك تعيب < / شعر > - والشعر لعبد الرحمن بن أبي بكر ، والغناء لمعبد ثقيل أوّل بالسّبّابة في مجرى البنصر - قال : فأخلَّت ببعضه . فقال لها معبد : يا جارية ، لقد أخللت بهذا الصوت إخلالا شديدا . فغضب الرجل وقال له : ويلك ! ما أنت والغناء ! ألا تكفّ عن هذا الفضول ! فأمسك . وغنّى الجواري مليّا ، ثم غنّت إحداهنّ : صوت < شعر > خليليّ عوجا فابكيا [1] ساعة معي على الرّبع نقضي حاجة ونودّع ولا تعجلاني أن ألمّ بدمنة لعزّة لاحت لي ببيداء بلقع وقولا لقلب قد سلا : راجع الهوى وللعين : أذري من دموعك أو دعي فلا عيش إلا مثل عيش مضى لنا مصيفا أقمنا فيه من بعد مربع < / شعر > - الشعر لكثيّر ، والغناء لمعبد خفيف ثقيل بالسبّابة في مجرى الوسطى ، وفيه رمل للغريض - قال : فلم تصنع فيه شيئا . فقال لها معبد : يا هذه ، أما تقوين [2] على أداء صوت واحد ؟ فغضب الرجل وقال له : ما أراك تدع هذا الفضول بوجه ولا حيلة ! وأقسم باللَّه لئن عاودت لأخرجنّك من السفينة ، فأمسك معبد ، حتى إذا سكتت / الجواري سكتة اندفع يغنّي الصوت الأوّل حتى فرغ منه ، فصاح الجواري : أحسنت واللَّه يا رجل ! فأعده . فقال : لا واللَّه ولا كرامة . ثم اندفع يغنّي الثاني ، فقلن لسيدهنّ : ويحك ! هذا واللَّه أحسن الناس غناء ، فسله أن يعيده علينا ولو مرّة واحدة لعلَّنا نأخذه عنه ، فإنه إن فاتنا لم نجد مثله أبدا . فقال : قد سمعتنّ سوء ردّه عليكنّ وأنا خائف مثله منه ، وقد أسلفناه الإساءة ، فاصبرن حتى نداريه . ثم غنّى الثالث ، فزلزل عليهم الأرض . فوثب الرجل فخرج إليه وقبّل رأسه وقال : يا سيّدي / أخطأنا عليك ولم نعرف موضعك . فقال له : فهبك لم تعرف موضعي ، قد كان ينبغي لك أن تتثبّت ولا تسرع إليّ بسوء العشرة وجفاء القول . فقال له : قد أخطأت وأنا أعتذر إليك مما جرى ، وأسألك أن تنزل اليّ وتختلط بي . فقال : أمّا الآن فلا . فلم يزل يرفق به حتى نزل إليه . فقال [3] له الرجل : ممن أخذت هذا الغناء ؟ قال : من بعض أهل الحجاز ، فمن أين أخذه جواريك ؟ فقال : أخذنه من جارية كانت لي ابتاعها رجل من أهل البصرة من مكة ، وكانت قد أخذت عن أبي عبّاد معبد وعني بتخريجها ، فكانت تحلّ منّي محلّ الروح من الجسد ، ثم استأثر اللَّه عزّ وجلّ بها ، وبقي هؤلاء الجواري وهنّ من تعليمها ، فأنا إلى الآن أتعصّب لمعبد وأفضّله على المغنّين جميعا وأفضّل صنعته على كل صنعة . فقال له معبد : أو إنك [4] لأنت هو ! أفتعرفني ؟ قال لا . قال : فصكّ [5] معبد بيده صلعته ثم قال : فأنا واللَّه معبد ، وإليك قدمت من الحجاز ، ووافيت البصرة ساعة نزلت السفينة لأقصدك بالأهواز ، وو اللَّه لا قصّرت في جواريك هؤلاء ، ولأجعلنّ لك في كلّ واحدة منهنّ خلفا من الماضية . فأكبّ الرجل والجواري على يديه ورجليه يقبّلونها ويقولون : كتمتنا نفسك طول / هذا
[1] في جميع الأصول : « عوجا منكما » . والتصويب من نسخة « مسالك الأبصار » المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم 99 تاريخ م . [2] في أ ، ت ، ء ، م : « أما تقومين » . [3] في ت : « فقال : أيها الرجل » . [4] في ت : « وإنك لأنت هو » بغير همزة الاستفهام . [5] صكّ : ضرب .