معبد وابن محرز أقبلت من عند معبد ، فلقيني ابن محرز ببطحان [1] ، فقال : من أين أقبلت ؟ قلت : من عند أبي [2] عبّاد . فقال : ما أخذت عنه ؟ قلت : غنّى صوتا فأخذته . قال : وما هو ؟ قلت : < شعر > ماذا تأمّل واقف جملا في ربع دار عابه قدمه < / شعر > - الشعر لخالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد - فقال لي : ادخل معي دار ابن هرمة وألقه عليّ ، فدخلت معه ، فما زلت أردّده عليه حتى غنّاه ، ثم قال : ارجع معي إلى أبي عبّاد ، فرجعنا فسمعه منه ، ثم لم نفترق [3] حتى صنع فيه ابن محرز لحنا آخر . نسبة هذا الصوت صوت < شعر > ماذا تأمّل واقف جملا في ربع دار عابه قدمه أقوى وأقفر غير منتصب لبد الرّمادة ناصع حممه [4] < / شعر > غنّاه معبد ، ولحنه ثقيل أوّل بالسّبّابة في مجرى الوسطى . وفيه خفيف ثقيل أوّل بالوسطى ينسب إلى الغريض وإلى ابن محرز . وذكر عمرو بن بانة أنّ الثقيل الأوّل للغريض . وذكر حبش أن فيه لمالك ثاني ثقيل بالوسطى . وفيه رمل بالوسطى ينسب إلى سائب خاثر ، وذكر حبش أنه لإسحاق . قدوم ابن سريج والغريض المدينة ثم ارتدادهما عنها بعد سماعهما صوت معبد أخبرني الحسين بن يحيى قال نسخت من كتاب حمّاد : قال أبي قال ابن الكلبيّ : قدم ابن سريج والغريض المدينة يتعرّضان لمعروف أهلها ، ويزوران من بها من صديقهما [5] من قريش وغيرهم . فلما شارفاها [6] تقدّما ثقلهما ليرتادا منزلا ، حتى إذا كانا بالمغسلة [7] - وهي جبّانة على طرف المدينة يغسل فيها الثياب - إذا هما بغلام ملتحف بإزار وطرفه على رأسه ، بيده حبالة يتصيّد بها الطير وهو يتغنّى ويقول : < شعر > القصر فالنخل فالجمّاء بينهما أشهى إلى النفس من أبواب جيرون < / شعر > وإذا الغلام معبد . قال : فلمّا سمع ابن سريج والغريض معبدا مالا إليه واستعاداه الصوت فأعاده ، فسمعا شيئا
[1] بضم فسكون ، كذا يقوله المحدّثون أجمعون . وحكى أهل اللغة : بطحان كقطران ، وقيل فيه بطحان بفتح فسكون . وهو أحد أودية المدينة الثلاثة ، وهي العقيق وبطحان وقناة . ( انظر « التاج » مادة بطح ) . [2] كذا في جميع النسخ . وفي ب ، س : « من أين أقبلت ؟ قلت من عند معبد ، فلقيني ابن أبي عباد فقال الخ » وهي زيادة مخلة بالمعنى . [3] كذا في ت ، ح ، ر . وفي سائر النسخ : « فسمعته منه ثم لم نعترف » وهو تحريف . [4] لبد الرمادة : متلصّقها ؛ يقال : تلبد الشعر والصوف إذا تلصّق ، وتلبد التراب والرمل كذلك ، ولبده المطر . وهو وصف لربع في البيت السابق . والحمم : واحدته حممة ، وهي الرماد والفحم وكل ما احترق من النار . [5] الصديق : يقال للواحد والجمع ؛ قال تعالى : * ( ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ولا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) ) * . [6] شارف الشيء : دنا منه وقرب . [7] ضبطه في « القاموس » كمنزلة .