/ فسمعه ابن أبي عتيق ، فقال : يابن أمّ ، قل غاق فإنك تطير . يعني أنه غراب أسود . أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال أخبرني أحمد بن محمد الأسديّ أسد قريش قال : قال ابن أبي عتيق لنصيب : إنّي خارج ، أفترسل إلى سعدى بشيء ؟ قال : نعم ، بيتي شعر . قال : قل ؛ فقال : < شعر > أتصبر عن سعدى وأنت صبور وأنت بحسن الصبر منك جدير وكدت ولم أخلق من الطير إن بدا سنى [1] بارق نحو الحجاز أطير < / شعر > / قال : فأنشد ابن أبي عتيق سعدى البيتين ، فتنفّست تنفّسة شديدة . فقال ابن أبي عتيق : أوّه ! أجبته [2] واللَّه بأجود من شعره ، ولو سمعك خليلك لنعق وطار إليك . نصيب والحكم بن المطلب أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم الكاتب قال حدّثني أبو هفّان [3] عن إسحاق الموصليّ عن المسيّبيّ قال : قال أبو النّجم : أتيت الحكم بن المطَّلب فمدحته ، وخرج إلى السّعاية [4] فخرجنا معه ومعه عدّة من الشعراء . فبينا هو مع أصحابه [5] يوما واقف [6] ، إذا [7] براكب يوضع [8] في السّراب [9] وإذا هو نصيب ، فتقدّم إليه فمدحه فأمر بإنزاله ، فمكث أياما حتى أتاه فقال : إنّي قد خلَّفت صبية صغارا وعيالا ضعافا . فقال له : ادخل الحظيرة [10] فخذ منها سبعين فريضة [11] . فقال له : جعلني اللَّه فداك قد أحسنت ! ومعي ابن لي أخاف أن يثلمها [12] عليّ . قال : فادخل فخذ له سبعين فريضة أخرى ؛ فانصرف بمائة وأربعين فريضة . / أخبرنا الحرميّ بن أبي العلاء عن الزّبير عن محمد بن الضّحّاك عن عثمان عن أبيه قال : قيل لنصيب : هرم شعرك . قال : لا ! واللَّه ما هرم ، ولكن العطاء هرم ، ومن يعطيني مثل ما أعطاني الحكم بن المطَّلب ! خرجت إليه وهو ساع على بعض صدقات المدينة ، فلمّا رأيته قلت : < شعر > أبا مروان لست بخارجيّ [13] وليس قديم مجدك بانتحال < / شعر >
[1] في ت ، م ، < شعر > : « إن بدا لها بارق « < / شعر > . [2] في ب ، س : « أجبنيه » بياء بعد تاء المخاطبة ، وكلاهما صحيح ، وقد استشهد للثاني بقول الشاعر : < شعر > رميتيه فأقصدت وما أخطأت في الرمية بسهمين مليحين أعارتكيهما الظبيه < / شعر > ( انظر « خزانة الأدب » للبغدادي ج 2 ص 401 ) . [3] هفان بفتح الهاء وكسرها وتشديد الفاء : اسم مرتجل غير منقول ، مشتق من الهفيف وهو سرعة السير . [4] يقال : سعي سعاية ، إذا باشر عمل الصدقات . [5] كذا في ت ، م . وفي سائر النسخ : « فبينما هو في موضع أضحى به يوما واقفا » وهو تحريف . [6] كذا في ت ، م . وفي سائر النسخ : « واقفا » وكلاهما صحيح . [7] كذا في ت . وفي سائر النسخ : « إذ » وكلاهما للمفاجأة . [8] الإيضاع : الإسراع في السير . [9] في ح ، ر : « في السير » . [10] الحظيرة : ما أحاط بالشيء وهي تكون من قصب وخشب . [11] انظر الحاشية رقم 6 ص 349 من هذا الجزء . [12] أي يأخذ منها فينقصها . [13] الخارجي هنا : الذي يخرج ويشرف بنفسه من غير أن يكون له قديم . واستشهد صاحب « اللسان » على هذا بالبيت ، ولكنه نسبه إلى كثيّر .