< شعر > إن تغد من منقلي [1] نخلان [2] مرتحلا يرحل من اليمن المعروف والجود < / شعر > / قال : فغضب نصيب ونزع عمامته وبرك عليها ، وقال : لئن تأتونا برجال مثل ابن الأزرق نأتكم بمثل مديح أبي دهبل أو أحسن ؛ إن المديح واللَّه إنما يكون على قدر الرجال . قال : فأطرق ابن هشام ، وعجبوا من إقدام نصيب عليه ، ومن حلم ابن هشام وهو غير حليم [3] . نصيب وأم بكر الخزاعية أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللَّه الزّهريّ : أنّ نصيبا كان ربما قدم من الشأم فيطرح في حجر أمّ بكر الخزاعيّة أربعمائة دينار ، وأنّ عبد الملك بن مروان ظهر على تعلَّقه بها ونسيبه فيها ، فنهاه عن ذلك حتى كفّ . حديث نصيب عن نفسه أنه كان يستعصى عليه أحيانا قول الشعر ، وشيء من أوصافه الخلقية أخبرني محمد بن يزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن عثمان بن حفص الثّقفيّ عن أبيه قال : رأيت النّصيب بالطائف ، فجاءنا وجلس في مجلسنا وعليه قميص قوهيّ ورداء وحبرة [4] ، فجعل ينشدنا مديحا لابن هشام ، ثم قال : إنّ الوادي مسبعة ، فمن أهل المجلس ؟ قالوا : ثقيف ؛ فعرف أنّا نبغض ابن هشام ويبغضنا ، فقال : إنّا للَّه ! أبعد ابن ليلى أمتدح ابن جيداء ! [5] فقال له أهل المجلس : يا أبا محجن ، أتطلب القريض / أحيانا فيعسر عليك ؟ فقال : إي والله لربّما فعلت ، فآمر براحلتي فيشدّ بها رحلي ، ثم أسير في الشّعاب الخالية ، وأقف في الرّباع المقوية ، فيطربني ذلك ويفتح لي الشعر . واللَّه إنيّ على ذلك ما قلت بيتا قطَّ تستحي الفتاة الحييّة من إنشاده في ستر أبيها . قال إسحاق قال عثمان بن حفص فوصفه أبي وقال : كأنّي أراه صدعا [6] خفيف العارضين ناتىء الحنجرة . نصيب وابن أبي عتيق أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد عن أبيه عن محمد بن كناسة قال : أنشد نصيب قوله : < شعر > وكدت ولم أخلق من الطير إن بدا لها بارق نحو الحجاز [7] أطير < / شعر >
[1] هو مثنى منقل . قال في « اللسان » : والمنقل : الطريق في الجبل ، وهو أيضا طريق مختصر . [2] كذا في ت . ونخلان ، كما في ياقوت ، من نواحي اليمن ، واستشهد بالبيت . وفي سائر النسخ : « نجران » . [3] بعد هذا في جميع النسخ عدا نسخة ت : « أخبرني الحرمي عن الزبير عن إبراهيم بن يزيد السعديّ قال حدّثتني جدّتي جمال بنت عون بن مسلم عن أبيها عن جدّها قال : رأيت رجلا أسود ومعه امرأة بيضاء حسناء الخ » . وقد تقدّمت هذه الحكاية بنصها في ص 342 و 343 ولم تتكرر هذه الحكاية في ت . [4] في ت : « ورداء حبرة » من غير واو . قال في « اللسان » : يقال برد حبرة وبرد حبرة بالوصف أو بالإضافة . والحبرة : ضرب من برود اليمن . [5] جيداء : أمّ محمد بن هشام خال بن عبد الملك ، وقد ولاه مكة وكتب إليه أن يحج بالناس ، فهجاه العرجيّ بأشعار كثيرة منها : < شعر > كأن العام ليس بعام حج تغيرت المواسم والشكول إلى جيداء قد بعثوا رسولا ليخبرها فلا صحب الرسول < / شعر > ولها ذكر في أخبار العرجي الشاعر الآتي في هذا الجزء . [6] الصدع ( بالتحريك وبالفتح ) الرجل الخفيف اللحم . [7] في ت ، ح ، « العراق » .