/ قيل لنصيب : إنّ ها هنا نسوة يردن أن ينظرن إليك ويسمعن منك شعرك . قال : وما يصنعن بي ! يرين جلدة سوداء وشعرا أبيض ، ولكن ليسمعن شعري من وراء ستر [1] . تغنى منقذ الهلالي بشعر نصيب أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن عثمان بن حفص عن رجل ذكره قال : أتاني منقذ الهلاليّ ليلا ، فضرب عليّ الباب . فقلت : من هذا ؟ فقال : منقذ الهلاليّ . فخرجت إليه فزعا . فقال : البشرى . فقلت : وأيّ بشرى أتتني بك في هذا الليل ؟ فقال : خير ، أتاني أهلي بدجاجة مشويّة بين رغيفين فتعشّيت بها ، ثم أتوني بقنّينة من نبيذ قد التقى طرفاها صفاء ورقّة ، فجعلت أشرب وأترنّم بقول نصيب : < شعر > بزينب ألمم قبل أن يظعن الرّكب < / شعر > ففكَّرت في إنسان يفهم حسنه ويعرف فضله ، فلم أجد غيرك ، فأتيتك مخبرا بذلك . فقلت : ما جاء بك إلا هذا ؟ ! فقال : أولا يكفي ! ثم انصرف . عفة نصيب في شعره أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال : قال مسلمة لنصيب : أنت لا تحسن الهجاء . فقال : بلى واللَّه ، أتراني لا أحسن أن أجعل مكان عافاك اللَّه أخزاك اللَّه ؟ ! قال : فإنّ فلانا قد مدحته فحرمك فاهجه ، قال : لا واللَّه ما ينبغي أن أهجوه ، وإنما ينبغي أن أهجو نفسي حين مدحته . فقال مسلمة : هذا واللَّه أشدّ من الهجاء . نصيب وعمر بن عبد العزيز في مسجد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أخبرني الحسين قال قال حمّاد : قرأت على أبي عن ابن عباية عن الضّحّاك الحزاميّ [2] قال : دخل نصيب مسجد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، وعمر بن عبد العزيز رضي اللَّه عنه يومئذ أمير المدينة ، وهو جالس بين قبر النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ومنبره ، فقال : أيّها الأمير ، ائذن لي أن أنشدك من مراثي عبد العزيز . فقال : لا تفعل فتحزنني ، ولكن أنشدني قولك . « قفا أخويّ » ؛ فإنّ شيطانك كان لك فيها ناصحا حين [3] لقّنك إيّاها . فأنشده : صوت < شعر > قفا أخويّ إن الدار ليست كما كانت بعهد كما تكون ليالي تعلمان وآل ليلى قطين الدار فاحتمل القطين [4] فعوجا فانظرا أتبين عمّا سألناها به أم لا تبين < / شعر >
[1] في ت ، ح ، ر : « من وراء وراء » . [2] كذا في أكثر النسخ . وفي ب ، س : « الخزامي » بمعجمتين وهو تصحيف ؛ إذ هو الضحاك بن عثمان بن عبد اللَّه بن خالد بن حزام الأسدي الحزاميّ أبو عثمان المدنيّ ، كما في « الخلاصة في أسماء الرجال » و « المشتبه في أسماء الرجال » للذهبي . [3] كذا في ح . وفي سائر النسخ : « حتى » والمقام للأولى . [4] القطين : السكان في الدار ، وهو كالخليط لفظ الواحد والجماعة فيه سواء .