< شعر > أسعداني بعبرة أسراب [1] من دموع كثيرة التّسكاب إنّ أهل الحصاب قد تركوني مولها مولعا بأهل الحصاب أهل بيت تتابعوا [2] للمنايا ما على الموت بعدهم من عتاب فارقوني وقد علمت يقينا ما لمن ذاق ميتة من إياب / كم بذاك الحجون [3] من أهل [4] صدق كهول أعفّة وشباب سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو سى إلى النّخل من صفيّ السّباب [5] فلي الويل بعدهم وعليهم صرت فردا وملَّني أصحابي < / شعر > قال ابن أبي دباكل : فو اللَّه ما تمّم صاحبه منها ثلاثا [6] حتى غشي على صاحبه ، وأقبل يصلح السّرج على بغلته وهو غير معرّج عليه . فسألته من هو ؟ فقال : رجل من جذام . قلت : بمن تعرف ؟ قال : بعبد اللَّه بن المنتشر . قال : ولم يزل القرشيّ على حاله ساعة ثم أفاق ، ثم جعل الجذاميّ ينضح الماء على وجهه ويقول كالمعاتب له : أنت أبدا مصبوب [7] على نفسك ! ومن كلَّفك ما ترى ! ثم قرّب إليه الفرس ، فلمّا علاه استخرج الجذاميّ من خرج على بغل قدحا وإداوة ماء ، فجعل في القدح ترابا من تراب قبر ابن سريج وصبّ عليه ماء من الإداوة ، ثم قال : هاك فاشرب هذه السّلوة [8] فشرب ، ثم فعل هو مثل ذلك ، وركب على البغل وأردفني . فخرجا واللَّه ما يعرّضان بذكر شيء مما كنا فيه ، ولا أرى في وجوههما شيئا مما كنت أرى قبل / ذلك . فلمّا اشتمل علينا أبطح مكة قالا : انزل يا خزاعيّ فنزلت . وأومأ الفتى إلى الجذاميّ بكلام ، فمدّ يده إليّ وفيها شيء فأخذته ، فإذا هو عشرون دينارا ، ومضيا . فانصرفت إلى قبره / ببعيرين ، فاحتملت عليهما أداة الراحلتين اللتين عقراهما فبعتها [9] بثلاثين دينارا .
[1] كذا في أكثر النسخ ، وهو جمع سرب وهو الماء السائل . وفي ب ، س ، ح : « أترابي » ولعله تحريف . [2] في س : « تتايعوا » بالياء المثناة . والتتايع : الوقوع في الشر من غير فكر ولا روية والمتابعة عليه والتهافت فيه ، ولا يكون في الخير . وقد قيل : إن التتابع في الشر كالتتابع في الخير . [3] الحجون : جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها . [4] رواية ياقوت في الكلام على صفيّ السباب : < شعر > كم بذاك الحجون من حيّ صدق من كهول أعفّة وشباب < / شعر > [5] قال الزبير : بيت أبي موسى الأشعري وصفي السباب : ما بين دار سعيد الحرشيّ التي تناوح بيوت أبي القاسم بن عبد الواحد التي في أصلها المسجد الذي صلَّي عنده على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور ، وكان به نخل وحائط لمعاوية فذهب ، ويعرف بحائط خرمان . ( انظر « معجم البلدان » لياقوت ) . [6] كذا في ج ، ر . وفي سائر النسخ : « ثالثا » . [7] كذا في ت ، ح ، ر ، أي محثوث على اتباعها تستغويك فتسلس لها القياد . وفي سائر النسخ : « منصوب » ولعله تحريف . [8] قال ابن سيده : والسّلوة والسّلوانة : خرزة شفافة إذا دفنتها في الرمل ثم بحثت عنها رأيتها سوداء يسقاها الإنسان فتسليه ، وقيل : أن يؤخذ من تراب قبر ميت فيذرّ على الماء ويسقاه العاشق ليسلو ؛ قال عروة بن حزام : < شعر > جعلت لعرّاف اليمامة حكمه وعرّاف نجد إن هما شفياني فقالا نعم نشفي من الداء كله وقاما مع العوّاد يبتدران فما تركا من رقية يعرفانها ولا سلوة إلا وقد سقياني < / شعر > [9] في الأصول : « فبعتهما » . ومرجع الضمير « أداة الراحلتين » .