/ قال ابن سريج : فلمّا سمعت ذلك قويت نفسي واشتدّت منّتي [1] ، ومررت بهم أخطر في مصبّغاتي . فلمّا حاذيتهم قاموا بأجمعهم فسلَّموا عليّ ، ثم قالوا لأحداثهم : امشوا مع أبي يحيى . ابن سريج مع فتية من بني مروان وقد حدّثني عمّي بهذا الخبر فقال حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال حدّثني محمد بن سلَّام عن جرير قال : قال لي ابن سريج : دعاني فتية من بني مروان ، فدخلت إليهم وأنا في ثياب الحجاز الغلاظ الجافية ، وهم في القوهيّ [2] والوشي يرفلون كأنهم الدّنانير الهرقليّة [3] ، فغنّيتهم وأنا محتقر لنفسي عندهم لحنا لي ، وهو : صوت < شعر > أبا لفرع لم تظعن مع الحيّ زينب بنفسي عن النّأي الحبيب المغيّب بوجهك عن مسّ التّراب مضنّة [4] فلا تبعدي إذ كلّ حيّ سيعطب < / شعر > - ولحن ابن سريج هذا رمل بالخنصر في مجرى البنصر - قال : فتضاءلوا في عيني حتى ساويتهم في نفسي لما رأيتهم عليه من الإعظام لي . ثم غنّيتهم : < شعر > ودّع لبابة قبل أن تترحّلا واسأل فإن قلاله أن تسألا < / شعر > فطربوا وعظَّموني وتواضعوا لي ، حتى صرت في نفسي بمنزلتهم لما رأيتهم عليه ، وصاروا / في عيني [5] بمنزلتي . ثم غنّيتهم : < شعر > ألا هل هاجك الأظعا ن إذ جاوزن مطَّلحا < / شعر > / فطربوا ومثلوا بين يديّ ورموا بحللهم كلَّها عليّ حتى غطَّوني بها ، فمثّلت لي نفسي أنها نفس الخليفة وأنهم لي خول [6] ، فما رفعت طرفي إليهم بعد ذلك تيها . وقد مضت نسبة « ودّع لبابة » في أخبار عمر بن أبي ربيعة وغيره . وأمّا : < شعر > ألا هل هاجك الأظعا ن . . . < / شعر > فنذكر نسبته . : نسبة هذا الصوت صوت < شعر > ألا هل هاجك الأظعا ن إذ جاوزن مطَّلحا < / شعر >
[1] منّتي : قوّتي . [2] انظر الحاشية رقم 1 ص 236 من هذا الجزء . [3] نسبة إلى هر قل أحد ملوك الروم وهو أوّل من ضرب الدنانير . [4] المضنة بفتح الضاد وكسرها : البخل . [5] كذا في ت . وفي م ، ء ، أ : « فطربوا وعظموني وتواضعوا لي واستخفوا في أنفسهم حتى وجدت في نفسي بشاشة لهم وصاروا في عيني أقل شيء ثم غنيتهم الخ » وفي سائر النسخ : « حتى صرت في نفسي كمنزلتهم وصاروا في نفسهم كمنزلتي » . [6] الخول : العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية ، الواحد والجميع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء .