مذاكرة إبراهيم بن المهدي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي في تفضيل ابن سريج على معبد وذكر يوسف بن إبراهيم أنه حضر إسحاق بن إبراهيم الموصليّ ليلة وهو يذاكر [1] إبراهيم بن المهديّ ، إلى أن قال إسحاق في بعض مخاطبته إيّاه : هذا صوت قد تمعبد فيه ابن سريج . فقال له إبراهيم : ما ظننت أنّك يا أبا محمد مع علمك وتقدّمك تقول مثل هذا في ابن سريج ، فكيف يجوز أن تقول : تمعبد ابن سريج ، وإنما معبد إذا أحسن قال : أصحبت سريجيّا ! قد أغنى اللَّه ابن سريج عن هذا ورفع / قدره عن مثله ، وأعيذك باللَّه أن تستشعر مثله في ابن سريج . قال : فما رأيت إسحاق دفع ذلك ولا أباه ، ولا زاد على أن قال : هي كلمة يقولها الناس ، لم أقلها اعتقادا لها فيه ، وإنما تكلَّمت بها على العادة . اعتراف معبد لابن سريج بالتفوّق عليه في صنعة الغناء أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا محمد بن إسماعيل قال حدّثنا محمد بن سلَّام قال : قال لي شعيب بن صخر : كان معبد إذا غنّى فأجاد قال : أنا اليوم سريجيّ . كان المغنون يغنون فإذا جاء ابن سريج سكتوا حدّثني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن سلَّام قال حدّثنا شعيب بن صخر قال : كان نعمان المغنّي عندي نازلا ، وكان يغنّي ، وكنت أراه يأتيه قوم . قال أبو عبد اللَّه : فقلت له : فأيّهم كان أحذق ؟ قال : لا أدري ، إلَّا أنّهم كانوا إذا جاء ابن سريج سكتوا . الأحوص وابن سريج أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني الهيثم [2] بن عيّاش قال حدّثني عبد الرحمن بن عيينة [3] قال : بينما نحن بمنى ونحن نريد الغدوّ إلى عرفات ، إذ أتانا الأحوص فقال : أبيت بكم الليلة ؟ قلنا : بالرّحب والسّعة . فلما جنّه الليل لم يلبث أن غاب عنّا ثم عاد ورأسه يقطر ماء . قلت : مالك ؟ قال : صوت < شعر > تعرّض سلماك لمّا حرم ت [4] ضلّ ضلالك [5] من محرم ! تريد به البرّيا ليته كفافا من البرّ والمأثم [6] < / شعر > / - الغناء لابن سريج ولم يجنّسه - قال قلت : زنيت وربّ الكعبة ! قال : قل ما بدا لك . ثم لقي ابن سريج فقال : إنّي قد قلت بيتين حسنين أحبّ أن تغنّيني بهما . قال : ما هما ؟ فأنشده إيّاهما ؛ فغنّى بهما من ساعته ، ففتن من حضر ممّن سمع صوته .
[1] كذا في ت ، ر . وفي سائر النسخ : « يذكر » وهو تحريف . [2] في ح ، ر : « الهيثم عن ابن عياش » . [3] في ح ، ر : « عنبسة » . [4] حرم الحاج وأحرم : دخل الحرم . [5] يريد : ضللت ضلالا بعيدا . [6] يريد : يا ليتك تعادل إثمك وبرّك ، فتخرج لا أنت آثم ولا بارّ .