تقدير ابن أبي عتيق لابن سريج قال حمّاد : وقرأت على أبي عن / هشام بن المرّيّة قال : كان ابن عتيق يسوق في كلّ عام عن ابن سريج بدنة وينحرها عنه ، ويقول : هذا أقلّ حقّه علينا . اعتراف معبد لابن سريج بالسبق عليه في صنعة الغناء قال حمّاد : قال أبي وقال مخلد بن خداش المهلَّبيّ : كنّا بالمدينة في مجلس لنا ومعنا معبد ، فقدم من مكة إلى المدينة فدخل علينا ليلا ، فجلس معبد يسائله عن / الأخبار وهو يخبره ولا نسمع ما يقول . فالتفت إلينا معبد فقال : أصبحت أحسن الناس غناء . فقيل له : أو لم تكن كذلك ؟ قال : لا [1] حيث كان ابن سريج حيّا ، إنّ هذا أخبرني أنّ ابن سريج قد مات . ثم كان بعد ذلك إذا غنّى صوتا فأعجبه غناؤه قال : أصبحت اليوم سريجيّا . أبو السائب المخزوميّ وأغاني ابن سريج قال حمّاد : حدّثني أبي قال حدّثني أبو الحسن المدائنيّ قال : قال معبد : أتيت أبا السّائب - المخزومي وكان يصلَّي في كل يوم وليلة ألف ركعة - فلمّا رآني تجوّز [2] وقال : ما معك من مبكيات ابن سريج ؟ قلت قوله : < شعر > ولهنّ بالبيت العتيق لبانة والبيت يعرفهنّ لو يتكلَّم لو كان حيّا قبلهن ظعائنا حيّا الحطيم وجوههنّ وزمزم لبثوا ثلاث منى [3] بمنزل غبطة وهم على سفر لعمرك ما هم متجاورين بغير دار إقامة لو قد أجدّ [4] تفرّق لم يندموا < / شعر > فقال لي : غنّه ، فغنّيته . ثم قام يصلَّي فأطال ، ثم تجوّز إليّ فقال : ما معك من مطرباته ومشجياته ؟ فقلت : قوله : < شعر > لسنا نبالي حين ندرك حاجة ما بات أو ظلّ المطيّ معقّلا < / شعر > فقال لي : غنّه ، فغنّيته . ثم صلَّى وتجوّز إليّ وقال : ما معك من مرقصاته ؟ فقلت : < شعر > فلم أر كالتّجمير منظر ناظر ولا كليالي الحجّ أفتنّ ذا هوى < / شعر > فقال : كما أنت حتى أتحرّم لهذا بركعتين . تغني ابن سريج والغريض بمسمع من عطاء بن أبي رباح وتفضيله ابن سريج على الغريض قال حمّاد : وأخبرني أبي عن إبراهيم بن المنذر الحزاميّ ، وذكر أبو أيّوب المدينيّ عن الحزاميّ قال حدّثني عبد الرحمن بن إبراهيم المخزوميّ قال :
[1] في ح ، ر : « قال : لا ، لم أكن كذلك حيت كان ابن سريج حيا » . [2] تجوّز في صلاته : خفّف فيها . [3] يريد ثلاث ليالي التشريق وهي التي يبيت فيها الحاجّ بمنى . [4] أجدّ يستعمل لازما ومتعدّيا ؛ يقال : أجدّ الرجل في الأمر إذا كان فيه ذا جدّ ، وأجدّ الرجل السير أو الرحيل : اعتزمه .