واحد لحنان فسقط خيرهما ، والذي في أيدي الناس الآن من اللحنين لحن إسحاق ، وقد ترك لحن ابن سريج ، فقلّ من يسمعه إلا من العجائز المتقدّمات ومشايخ المغنّين . هذا أو نحوه [1] . لحن إسحاق في تشكى الكميت . . . مأخوذ من لحن الأبجر في يقولون . أبكاك البيت وأخبرني يحيى بن عليّ قال حدّثنا أبو أيّوب المدينيّ عن إبراهيم بن عليّ بن هشام قال : يقولون : إنّ ابتداء غناء إسحاق الذي في [2] : < شعر > تشكَّى الكميت الجري لمّا جهدته < / شعر > أنّما أخذه من صوت الأبجر : < شعر > يقولون ما أبكاك [3] والمال غامر [4] < / شعر > نسبة هذا الصوت صوت < شعر > يقولون ما أبكاك والمال غامر عليك وضاحي [5] الجلد منك كنين [6] فقلت لهم لا تسألوني وانظروا إلى الطَّرب النّزّاع [7] كيف يكون < / شعر > غنّاه الأبجر ثقيلا أوّل بالبنصر ، عن عمرو ودنانير . وذكر الهشاميّ أنّ فيه لعزّة المرزوقيّة [8] ثاني ثقيل بالوسطى . مولد ابن سريج ووفاته وكيف اشتغل بالغناء بعد أن كان نائحا أخبرني رضوان بن أحمد الصّيدلانيّ قال حدّثنا يوسف بن إبراهيم قال حدّثني إبراهيم بن المهديّ قال حدّثني إسماعيل بن جامع عن سياط قال : / كان ابن سريج أوّل من غنّى الغناء المتقن بالحجاز بعد طويس ، وكان مولده في خلافة عمر بن الخطَّاب ، وأدرك يزيد بن عبد الملك وناح عليه ، ومات في خلافة هشام . قال : وكان قبل أن يغنّي نائحا ولم يكن مذكورا ، حتى ورد الخبر مكة بما فعله مسرف [9] بن عقبة بالمدينة ، فعلا على أبي قبيس وناح بشعر هو اليوم داخل في أغانيه ، وهو :
[1] يريد : قال هذا أو قريبا منه . [2] في ت ، ح ، ر : « الذي فيه الصياح في . . . الخ » . [3] كذا في أ ، ء ، م . وفي سائر النسخ : « أبلاك » أي ما الذي أصابك بهذا الشرّ وأوقعك في هذا البلاء . [4] غامر : كثير . وأصله من غمره الماء إذا غطاه . [5] ضاحي الجلد : عاريه الذي يتعرّض للشمس . [6] كنين : مكنون مستور . [7] نزعت نفسه إلى الشيء نزاعا ونزوعا : حنّ إليه واشتاق . [8] في ح ، ر : « عزة الميلاء » . وعزة المرزوقية غير عزة الميلاء ، وإن كنا لم نعثر لها على ترجمة خاصة . ( انظر الكلام على الغناء في « لمن الديار عرفتها . . . » البيت في الجزء الحادي عشر من « الأغاني » في أخبار محمد بن أميّة وأخيه على بن أميّة ) . [9] هو لقب مسلم بن عقبة المرّي صاحب وقعة الحرّة الذي وجهه يزيد بن معاوية في جيش عظيم لقتال ابن الزبير بالمدينة ، فقاتل أهلها وهزمهم وأباح المدينة ثلاثة أيام . وقد لقّب مسرفا لأنه أسرف في القتل في هذه الوقعة . قال عليّ بن عبد اللَّه بن عباس : < شعر > وهم منعوا ذماري يوم جاءت كتائب مسرف وبنو اللكيعة < / شعر > ( وقد تقدمت الإشارة إلى هذه الوقعة في هذا الجزء ص 23 - 26 ) .