حدّثني إبراهيم بن يعقوب بن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن جدّه عن ثعلبة بن عبد اللَّه بن صعير [1] : أنّ عمر بن أبي ربيعة نظر في الطَّواف إلى امرأة شريفة ، فرأى أحسن خلق اللَّه صورة ، فذهب عقله عليها ، وكلَّمها فلم تجبه ، فقال فيها : < شعر > الرّيح تسحب أذيالا وتنشرها يا ليتني كنت ممّن تسحب الريح كيما تجرّبنا [2] ذيلا فتطرحنا على الَّتي دونها مغبرّة [3] سوح [4] أنّى بقربكم أم كيف لي بكم هيهات ذلك ما أمست لنا روح فليت ضعف الذي ألقى يكون بها بل ليت ضعف الذي ألقى تباريح [5] إحدى بنيّات عمّي دون منزلها أرض بقيعانها القيصوم [6] والشّيح < / شعر > / / فبلغها شعره فجزعت منه . فقيل لها : اذكريه لزوجك ، فإنه سينكر عليه قوله . فقالت : كلَّا واللَّه لا أشكوه إلا إلى اللَّه . ثم قالت : اللَّهم إن كان نوّه باسمي ظالما فاجعله طعاما للريح . فضرب الدهر من ضربه [7] ، ثم إنه غدا يوما على فرس فهبّت ريح فنزل فاستتر بسلمة [8] ، فعصفت الريح فخدشه غصن منها فدمي وورم به ومات من ذلك .
[1] كذا في « تهذيب التهذيب » و « تقريب التهذيب » و « شرح القاموس » . وفيء ، ح : « صقر » . وفي م : « صفر » . وفي ر : « صفوان » وفي سائر النسخ : « صعر » وكلها تحريف . قال في « تهذيب التهذيب » : ثعلبة بن صعير ويقال ابن عبد اللَّه بن صعير ويقال ابن أبي صعير ويقال عبد اللَّه بن ثعلبة بن صعير العذريّ . وقال الدار قطنيّ : الصواب فيه عبد اللَّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، لثعلبة صحبه ولعبد اللَّه رؤية أه . [2] يجوز في الفعل الواقع بعد « كيما » وجهان الرفع على أن « ما » كافة لكي عن العمل ، والنصب على أن « ما » زائدة وكي عاملة فيما بعدها . وقد روي بالوجهين : < شعر > إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفع < / شعر > [3] مغبرة ، يريد بها الفلاة المجدبة . [4] سوح : جمع ساحة وهي الفضاء . [5] تباريح الشوق : توهجه . قال السيد محمد مرتضى : قال شيخنا وهو من الجموع التي لا مفرد لها ، وقيل : مفرده تبريح ، واستعمله المحدثون وليس يثبت . [6] قال في « اللسان » : القيصوم : ما طال من العشب ، ثم قال : والقيصوم من نبات السهل . قال أبو حنيفة : القيصوم من الذكور ومن الأمرار ، وهو طيب الرائحة من رياحين البر وورقة هدب وله نورة صفراء ، وهي تنهض على ساق وتطول . [7] يقال : ضرب الدهر ضربانه ومن ضربانه ومن ضربه ، أي مر من مروره وذهب بعضه . والمراد أنه مرت مدّة من الدهر وقع فيها بعض حوادثه . [8] السلم : شجر من العضاه وورقه القرظ الذي يدبغ به الأديم . وفي ت ، ر : « بقفلة » . والقفلة واحدة القفل ، وهو الشجر اليابس ولا ينبت إلا بمنجاة من السيل . وفي ح : « بمقلة » والمقلة واحدة المقل وهو حمل الدوم ، وهي شجرة تشبه النخلة ، وهو غير مناسب ، فلعله محرّف عن « قفلة » .