لمّا قدمت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان مكة جعل عمر بن أبي ربيعة يدور حولها ويقول فيها الشعر ولا يذكرها باسمها فرقا من عبد الملك بن مروان ومن الحجّاج ، لأنه كان كتب إليه يتوعّده إن ذكرها أو عرّض باسمها . فلما قضت حجّها وارتحلت أنشأ يقول : صوت < شعر > كدت يوم الرّحيل أقضي حياتي ليتني متّ قبل يوم الرّحيل لا أطيق الكلام من شدّة الخو ف ودمعي يسيل كلّ مسيل / ذرفت عينها وفاضت دموعي وكلانا يلقى [1] بلبّ أصيل / لو خلت خلَّتي أصبت نوالا أو حديثا يشفي من التّنويل [2] ولظلّ الخلخال فوق الحشايا مثل أثناء [3] حيّة مقتول فلقد قالت الحبيبة لولا كثرة الناس جدت بالتّقبيل < / شعر > غنّى فيه ابن محرز ولحنه ثقيل أوّل من أصوات قليلة الأشباه عن أسحاق وفيه لعبادل خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو ، ويقال إنه للهذليّ [4] . وفيه لعبيد اللَّه بن أبي غسّان ثاني ثقيل عن الهشاميّ . أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرني أبو عليّ الحسن [5] بن الصّبّاح عن محمد بن حبيب أنه أخبره : أن عمر بن أبي ربيعة قال في فاطمة بنت عبد الملك بن مروان : صوت < شعر > يا خليلي شفّني الذّكر وحمول الحيّ إذ صدروا ضربوا حمر القباب لها وأديرت حولها الحجر سلكوا شعب النّقاب [6] بها زمرا تحتثّها [7] زمر < / شعر >
[1] في نسخة « الديوان » المخطوطة التيمورية : « يأتي بوجد » . وفي ح ، ر : « يأتي بوجه أصيل » وهو محرّف عن « بوجد » . [2] « من » هنا ، للبدل . أي أو حديثا يشفى بدل التنويل . والتنويل : إعطاء النوال ، وقد يراد به هنا التقبيل ؛ وبه فسر في قول وضاح اليمن : < شعر > إذا قلت يوما نوّليني تبسمت وقالت معاذ اللَّه من نيل ما حرم فما نوّلت حتى تضرعت عندها وأنبأتها ما رخص اللَّه في اللَّمم < / شعر > وفي نسخة « الديوان » المخطوطة التيمورية : < شعر > وحديثا يشفي مع التنويل < / شعر > [3] أثناء الحية : مطاويها وتضاعيفها إذا تثّنت . والحية : يطلق على الذكر والأنثى . [4] في ح ، ر : « لإبراهيم بن المهديّ » . [5] في ح ، ر : « الحسين » وهو تحريف ؛ إذ هو الحسن بن الصباح بن محمد البزّار أبو علي الواسطيّ البغداديّ ، روى عن أحمد بن حنبل وروى عنه البخاريّ والترمذيّ مات سنة 249 ه ( انظر « تهذيب التهذيب » فيمن اسمه الحسن ) . [6] النقاب : موضع من أعمال المدينة يتشعب منه طريقان إلى وادي القرى ووادي المياه . « ياقوت » . وفي « ديوانه » : < شعر > سلكوا خلّ الصّفاح لهم زجل أحداجهم زمر < / شعر > والصفاح : موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة . والخلّ : الطريق في الرمل . والزجل : الجلبة ورفع الصوت . [7] تحتثها : تستعجلها وتحضّها على السير .