نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 185
ان العالم الحديث يعاني من مشكلة ، لم يجربها الانسان طوال تاريخه هي مشكلة جرائم الأطفال ، التي أصبحت جزءا من المجتمع الحديث ! من أين يأتي هؤلاء المجرمون الصغار ؟ انهم ضحايا السعادة المادية . . . فكثير من الفتيان والفتيات يسأمون حياة الزواج بعد وقت قليل ، وحينئذ يبدأون في البحث عن وجوه وأجساد جديدة ، ويحصلون على الطلاق ، بيد أن المجتمع هو الذي يدفع ثمن الطلاق ، حين يلملم في رحابه أطفالا يتامى في حياة آبائهم وأمهاتهم ، وما دام المجتمع المنحل هو الآخر لا يستطيع أن يهيء لهؤلاء الأطفال الطعام واللباس والمأوى ، فهم أحرار من كل قيد ، وهم ثائرون على المجتمع الذي أنجبهم . وتبدأ هذه الحال بالصعلكة ، ثم تنتهي إلى الجرائم القذرة التي كانوا ثمرتها . ولقد صدق السير الفريد ديننج في مقاله : ان أكثرية المجرمين الأطفال غير البالغين تخرج من أنقاض أسر محطمة [1] . وهذا التناقض بين الفلسفة الاجتماعية وأهداف الأفراد هو أصل كل المشكلات الاجتماعية . فجميع الحوادث التي نسميها في قواميسنا جريمة وذنبا هي محاولة قوم للحصول على أمانيهم الذاتية في الحياة ، بعد أن أخفقوا في تحقيقها لسبب أو آخر . وهذه الحوادث تظهر في أغلب الأحيان في صور : الاغتيال ، والخطف ، والتدليس ، والتزوير ، والقرصنة ، والحروب ، والزنا ، وما إلى ذلك من الجرائم التي تعاني منها الانسانية : وهذا التناقض يبين بجلاء أن هدف الحياة الأساسي هو الحصول على رضا الله في الآخرة ، لا غير . انه هو الهدف الوحيد الذي يمكنه انقاذ المجتمع والفرد من التناقض الكبير ، والسير بهما في طريق الرخاء والسعادة المتبادلة ، لأن الفرد في هذا الهدف لا يصادم أماني المجتمع ، بل يشترك في كفاحه بطريقة ايجابية فعالة . فميزة نظرية ( الآخرة ) تأكيدها على أنها هي الأساس الوحيد لنجاح المشروعات الاجتماعية في حين تبين في نفس الوقت ، أنها هي الهدف الوحيد للانسان الفرد أيضا ، لأن أي شئ لا علاقة له بالواقع لا يمكنه أن يصبح بهذا القدر العجيب من الأهمية ، والموافقة لأهداف البشرية . * * * لقد تقدم الطب الحديث والجراحة إلى أقصى حدودهما في هذا القرن ، وبدأ الأطباء يقولون : ان العالم يستطيع القضاء على كل مرض ، غير الموت والشيخوخة ! ! ولكن الأمراض تكثر وتتشعب ، وتنتشر بسرعة مذهلة ، ومنها الأمراض العصبية التي هي نتائج أعراض التناقض الشديد الذي يمر به الفرد والمجتمع . لقد حاول العلم الحديث أن يغذي كل الجوانب المادية في الجسم الانساني ، ولكنه