نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 132
ولما عرف بأخبار انقلاب الروم ، غضب غضبا شديدا ، وأمر بسجن السفير الرومي ، وأعلن عدم اعترافه بشرعية حكومة الروم الجديدة . وأغار كسرى أبرويز على بلاد الروم ، وزحفت جحافله عابرة نهر الفرات إلى الشام . ولم يتمكن فوكاس من مقاومة جيوش الفرس التي استولت على مدينتي أنطاكية والقدس ، فاتسعت حدود الإمبراطورية الفارسية فجأة إلى وادي النيل . وكانت بعض الفرق المسيحية ؟ كالنسطورية واليعقوبية ؟ حاقدة على النظام الجديد في روما ، فناصرت الفاتحين الجدد ، وتبعها اليهود ، مما سهل غلبة الفرس . * * * وأرسل بعض أعيان الروم رسالة سرية إلى الحاكم الرومي في المستعمرات الإفريقية ، يناشدونه انقاذ الأمبراطورية ، فأرسل الحاكم جيشا كبيرا بقيادة ابنه الشاب هرقل ، فسار بجيشه في الطريق البحرية ، بسرية تامة . . . حتى أن فوكاس لم يدر بمجيئهم الا عندما شاهد الأساطيل ، وهي تقترب من السواحل الرومانية ، واستطاع هرقل ؟ دون مقاومة تذكر ؟ أن يستولي على الإمبراطورية ، وقتل فوكاس الخائن . بيد أن هرقل لم يتمكن ؟ رغم استيلائه على الإمبراطورية ، وقتله فوكاس ؟ من ايقاف طوفان الفرس . . فضاع من الروم كل ما ملكوا من البلاد في شرقي العاصمة وجنوبها ، لم يعد العلم الصليبي يرفرف على العراق والشام وفلسطين ومصر وآسيا الصغرى ، بل علتها راية الفرس : درفش كاوياني ! ! وتقلصت الأمبراطورية الرومانية في عاصمتها ، وسدت جميع الطرق في حصار اقتصادي قاس ، وعم القحط ، وفشت الأمراض الوبائية ، ولم يبق من الإمبراطورية غير جذور شجرها العملاق . وكان الشعب في العاصمة خائفا يترقب ضرب الفرس للعاصمة ، ودخولهم فيها ، وترتب على ذلك أن أغلقت جميع الأسواق ، وكسدت التجارة ، وتحولت معاهد العلم والثقافة إلى مقابر موحشة مهجورة . وبدأ عباد النار يستبدون بالرعايا الروم للقضاء على المسيحية . . فبدءوا يسخرون علانية من الشعائر الدينية المقدسة ، ودمروا الكنائس ، وأراقوا دماء ما يقرب من 000 ، 100 من المسيحيين المسالمين ، وأقاموا بيوت عبادة النار في كل مكان ، وأرغموا الناس على عبادة الشمس والنار ، واغتصبوا الصليب المقدس وأرسلوه إلى المدائن . ويقول المؤرخ جبن في المجلد الخامس من كتابه : ولو كانت نوايا كسرى طيبة في حقيقة الأمر ، لكان اصطلح مع الروم ، بعد قتلهم فوكاس ، ولاستقبل هرقل كخير صديق أخذ بثأر حليفه وصاحب نعمته موريس ، بأحسن طريقة ، ولكن أبان عن نواياه الحقيقة عندما قرر مواصلة الحرب . [1] .