نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 129
أولاها : القبائل المشركة ، بعد أن أصبحوا أعداء حياته . وثانيتها : الرأسمالية اليهودية . وثالثتها : أولئك المنافقون الذين تسربوا داخل المسلمين للقضاء على حركتهم ، من داخل معاقلهم . وكان الرسول يجاهد في سبيل رسالته السامية على كل هذه الجبهات : قوة المشركين ، والرأسمالية اليهودية ، والطابور الخامس . وقد وقف أمام هذا الطوفان الطاغي وقفات رائعة لا مثيل لها ، ولم يسانده في مواقفه غير حفنة من المهاجرين والأنصار ، وجماعة أسلمت من العبيد . ومما لاشك فيه أنه قد انضم اليه بعض كبار قريش ، ولكن سرعان ما انقطعوا عن أهلهم وذويهم ، وعادتهم قريش كمعاداتها للنبي . وقد سارت هذه الحركة بمكة قدما ، تكافح وتناضل ، حتى أصبحت الأمور غاية في السوء ، واضطر النبي وأصحابه أن يهاجروا إلى جهات مختلفة ، حتى اجتمع شملهم في المدينة المنورة ، وهم في أشد حالات العوز والفقر ، بعدما تركوا ثرواتهم في مكة ؟ موطنهم الأصلي . ويمكن قياس بؤس هؤلاء المهاجرين بتلك الجماعة التي عاشت في المسجد النبوي ، حيث لم تكن لديهم بيوت ، وكانوا ينامون على صفة في فناء المسجد النبوي ، فأطلق عليهم : أهل الصفة . ومما روي في كتب التأريخ أن تعداد هؤلاء الصحابة الكرام ، الذين عاشوا على الصفة ، بلغ في بعض الأحيان أربعمائة صحابي . فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب ، فمنهم من يبلغ ركبتيه ، ومنهم من هو أسفل من ذلك ، فإذا ركع أحدهم قبض عليه ، مخافة أن تبدو عورته . . وعنه ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أنه قال : لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها ، فيقول الناس : انه مجنون ، وما بي جنون ، ما بي الا الجوع ! . * * * وفي هذه الحالة البائسة ، حيث كان المسلمون في أسوأ أحوالهم ، مكشوفين في عراء المدينة المنورة ، خائفين ، يترقبون الأعداء من كل جانب ، مخافة أن يتخطفوهم في أي وقت ، في هذه الحالة نجد القرآن يبشرهم مرة بعد أخرى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [1] .