نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 568
وأدخلوها إلى بدخانة . وهي بيت الأصنام وكان مبنياً على ضفة البحر وله طاق ينظر إليه ويتركونها هنالك ليلة ثم يأتون عند الصباح فيجدونها مفتضة ميتة . ولا يزالون في كل شهر يقترعون بينهم فمن أصابته القرعة أعطى بنته . ثم إنهم قدم عليهم مغربي يسمى بأبي البركات البربري وكان حافظاُ للقرآن العظيم فنزل بدار عجوز منهم بجزيرة المهل فدخل عليها يوماً وقد جمعت أهلها وهن يبكين كأنهن في مأتم . فاستفهمهن عن شأنهن فلم يفهمنه . فأتى ترجمان فأخبره أن العجوز كانت القرعة عليها وليس لها إلا بنت واحدة يقتلها العفريت . فقال لها أبو البركات : أنا أتوجه عوضاً من بنتك بالليل . وكان سناطاً لا لحية له فاحتملوه تلك الليلة وأدخلوه إلى بدخانة وهو متوضئ . وأقام يتلو القرآن ثم ظهر له العفريت من الطاق فداوم التلاوة فلما كان منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر . وأصبح المغربي وهو يتلو على حاله . فجاءت العجوز وأهلها وأهل الجزيرة ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها فوجدوا المغربي يتلو فمضوا به إلى ملكهم وكان يسمى شنورازة [1] وأعلموه بخبره فعجب . وعرض المغربي عليه الإسلام ورغبه فيه . فقال له أقم عندنا إلى الشهر الآخر فإن فعلت كفعلك ونجوت من العفريت أسلمت . فأقام عندهم . وشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته . ثم حمل المغربي لما دخل الشهر إلى بدخانة ولم يأت العفريت فجعل يتلو حتى الصباح . وجاء السلطان والناس معه فوجدوه على حاله من التلاوة فكسروا الأصنام وهدموا بدخانة وأسلم أهل الجزيرة وبعثوا إلى سائر الجزائر فأسلم أهلها . وأقام المغربي عندهم معظماً وتمذهبوا بمذهبه مذهب الإمام مالك رضي الله عنه . وهم إلى هذا العهد يعظمون المغاربة