responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة    جلد : 1  صفحه : 358


وكان هذا الشيخ من عباد الله الصالحين . وكنت كثيراً ما أرى عليه قباء قطن مبطن بالقطن محشواً به وقد بلي وتمزق وعلى رأسه قلنسوة لبد يساوي مثلها قيراطاً ولا عمامة عليه . فقلت له في بعض الأيام : يا سيدي ما هذا القباء الذي أنت لابسه إنه ليس بجيد . فقال لي : يا ولدي ليس هذا القباء لي وإنما هو لابنتي فرغبت منه أن يأخذ بعض ثيابي فقال لي : عاهدت الله منذ خمسين سنة أن لا أقبل من أحد شيئاً ولو كنت اقبل من أحد لقبلت منك .
ولما عزمت على السفر بعد مقامي عند هذا السلطان أربعة وخمسين يوماً أعطاني السلطان سبعمائة دينار دراهم وفروة سمور تساوي مائة دينار طلبتها منه لأجل البرد . ولما ذكرتها له أخذ أكمامي وجعل يقبلها بيده تواضعاً منه وفضلاً وحسن خلق وأعطاني فرسين وجملين . ولما أردت وداعه أدركته في أثناء طريقه إلى متصيده . وكان اليوم شديد البرد جداً . فوالله ما قدرت على أن أنطق بكلمة لشدة البرد ففهم ذلك وضحك وأعطاني يده وانصرفت . وبعد سنتين من وصولي إلى أرض الهند بلغنا الخبر بأن الملأ من قومه وأمرائه اجتمعوا بأقصى بلاده المجاورة للصين وهنالك معظم عساكره وبايعوا ابن عم له اسمه بوزن أغلي وكل من كان من أبناء الملوك فهم يسمونه أغلي [1] وبوزن [2] وكان مسلماً إلا أنه فاسد الدين سئ السيرة . وسبب بيعتهم له وخلعهم لطرمشيرين أن طرمشيرين خالف أحكام جدهم تنكيز اللعين الذي خرب بلاد الإسلام وقد تقدم ذكره . وكان تنكيز ألف كتاباً في أحكامه يسمى عندهم اليساق [3] وعندهم أنه من خالف أحكام هذا الكتاب فخلعه واجب . ومن جملة أحكامه أنهم يجتمعون يوماً في السنة يسمونه الطوى ومعناه يوم الضيافة ويأتي أولاد تنكيز والأمراء من أطراف البلاد ويحضر الخواتين وكبار الأجناد وإن كان سلطانهم قد غير شيئاً من تلك الأحكام يقوم إليه كبراؤهم فيقولون له : غيرت كذا وغيرت كذا وفعلت كذا وقد وجب خلعك . ويأخذون بيده ويقيمونه عن سرير الملك ويقعدون غيره



[1] بضم الهمزة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام
[2] بضم الباء الموحدة وضم الزاي
[3] بفتح الياء آخر الحروف والسين المهمل وآخره قاف

358

نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست