نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 235
أعلم الملك الناصر بذلك ووقفنا تلك السنة وهي سنة تسع وعشرين يوم الثلاثاء ولما انقضى الحج أقمت مجاوراً بمكة حرسها الله سنة ثلاثين . وفي موسمها وقعت الفتنة بين أمير مكة عطيفة وبين أيدمور أمير جندار الناصري وسبب ذلك أن تجاراً من أهل اليمن سرقوا فتشكوا إلى أيدمور بذلك فقال أيدمور لمبارك ابن الأمير عطيفة : إئت بهؤلاء السراق فقال : لا أعرفهم فكيف نأتي بهم وبعد فأهل اليمن تحت حكمنا ولا حكم لك عليهم إن سرق لأهل مصر والشام شيء فاطلبني به فشتمه أيدمور وقال له : يا قواد تقول لي هكذا وضربه على صدره فسقط ووقعت عمامته عن رأسه وغضب له عبيدة وركب أيدمور يريد عسكره فلحقه مبارك وعبيدة فقتلوه وقتلوا ولده . ووقعت الفتنة بالحرم وكان به الأمير أحمد ابن عم الملك الناصر ورمى الترك بالنشاب فقتلوا امرأة قيل : إنها كانت تحرض أهل مكة على القتال وركب من ركب من الأتراك وأميرهم خاص ترك فخرج إليهم القاضي والأئمة والمجاورين وفوق رؤوسهم المصاحف وحاولوا الصلح ودخل الحجاج مكة فأخذوا ما لهم بها وانصرفوا إلى مصر وبلغ الخبر إلى الملك الناصر فشق عليه وبعث العساكر إلى مكة ففر الأمير عطيفة وابنه مبارك وخرج أخوه رميثة وأولاده إلى وادي نخلة فلما وصل العسكر إلى مكة بعث الأمير رميثة أحد أولاده يطلب له الأمان ولولده فأمنوا وأتى رميثة وكفنه في يده إلى الأمير فخلع عليه وسلمت إليه مكة وعاد العسكر إلى مصر وكان الملك الناصر رحمه الله حليماً فاضلاً فخرجت تلك الأيام من مكة قاصداً بلاد اليمن فوصلت إلى حده [1] وهي نصف الطريق بين مكة وجدة [2] ثم وصلت إلى جدة وهي بلدة قديمة على ساحل البحر يقال : إنها من عمارة الفرس وبخارجها مصانع قديمة