ولم نر في هذه المدينة مسلم غير رجل خراساني انقطع بسبب مرضه فسافر معنا . ورحلنا إلى بندرسلاوات [1] وهي بلدة صغيرة . وسافرنا منها في أوعار كثيرة المياه وبها الفيلة الكثيرة إلا أنها لا تؤذي الزوار والغرباء .
وذلك ببركة الشيخ أبي عبد الله بن خفيف رحمه الله وهو أول من فتح هذا الطريق إلى زيارة القدم وكان هؤلاء الكفار يمنعون المسلمين من ذلك ويؤذونهم ولا يؤاكلونهم ولا يبايعونهم . فلما اتفق للشيخ أبي عبد الله ما ذكرنا في السفر الأول من قتل الفيلة لأصحابه وسلامته من بينهم وحمل الفيل له على ظهره صار الكفار من ذلك العهد يعظمون المسلمين ويدخلونهم دورهم ويطعمون معهم ويطمئنون لهم بأهلهم وأولادهم . وهم إلى الآن يعظمون الشيخ المذكور أشد تعظيماً ويسمونه الشيخ الكبير . ثم وصلنا بعد ذلك إلى مدينة كنكار [2] وهي حضرة السلطان الكبير بتلك البلاد وبناؤها في خندق بين جبيلين على خور كبير يسمى بخور الياقوت لأن الياقوت يوجد به .
وبخارج هذه المدينة مسجد الشيخ عثمان الشيرازي المعروف بشاوش [3] وسلطان هذه المدينة وأهلها يزورونه ويعظمونه . وهو كان الدليل إلى القدم فلما قطعت يده ورجله صار الأدلاء أولاده وغلمانه وسبب قطعه أنه ذبح بقرة وحكم كفار الهنود أنه من ذبح بقرة ذبح كمثلها أو جعل في جلدها وحرق . وكان الشيخ عثمان معظماً فقطعوا يده ورجله وأعطوه مجبى بعض الأسواق .
ذكر سلطان كنكار وهو يعرف بالكنار [4] وعنده الفيل الأبيض . ولم أر في الدنيا فيلاً أبيض سواه يركبه في الأعياد ويجعل على جبهته أحجار الياقوت العظيمة . واتفق له أن قام عليه أهل دولته وسملوا عينيه وولوا ولده وهو هنالك أعمى .

[1] وضبطه بفتح الباء الموحدة وسكون النون وفتح الدال المهمل وسكون الراء وفتح السين المعمل واللام والواو وألف وتاء معلوة
[2] وضبط اسمها بضم الكاف الأول وفتح النون والكاف الثانية وآخره راء
[3] بشينين معجمين بينهما واو مضموم
[4] بضم الكاف وفتح النون وألف وراء

585