نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 198
فأمعن في أرض الغرب ، ثم انظر مكانا حريزا خفي الأثر فأحرزه فيه . وأسس عليه وعلمه بعلامات واكتب صفة المكان وعلاماته ومن أين الطريق إليه ، وعد إلي إن شاء الله تعالى . فيقول أهل الأثر انه حمل مع نفسه إثنا عشر الف عجلة ، منها من الجواهر النفيسة ثلاثمائة ، وسائرها ذهب إبريز ، وصفائح مضروبة ، وطرائف الملوك من آلاتهم وسلاحهم وأوانيهم ، وسار في الجنوب يوما واحدا ، ثم سار في الغرب يوما كاملا وبعض آخر ، فانتهى في اليوم الثالث إلى جبل أسود منيع ليس له مصعد بين جبال مستديرة به ، فعمل تحت ذلك الجبل أسرابا ومغاير فدفن فيها ما كان معه ، وردم عليه كما أمره أخوه ، وعلم وزبر وأتقن ذلك جهده ، ورجع إلى أخيه فأعلمه . فمكث بعد ذلك أربع سنين يبعث في كل سنة عجلا كثيرا فيدفن فيها في أكواخ شتى ، وهو الذي عمل بيتا فيه تماثيل تنفع من جميع العلل ، وكتب على رأس كل هيكل تمثال ما يعالج به ، فانتفع الناس بها زمانا إلى أن أفسدها بعض الملوك بالحكمة . وفي هذه المدينة صورة امرأة من حجر مبتسمة لا يراها مهموم إلا تبسم ونسي همه ، وكان الناس يتناوبونها ، ويطوفون حولها ، ثم عبدوها من بعد . وعمل تمثالا طائرا روحانيا من ظفر مذهب كأنه يشير بجناحيه ، ووضعه على أسطوانة في وسط المدينة ، وكان لا يمر به زان ولا زانية إلا كشف عورته بحضرته ، وكان الناس يمتحنون به فامتنع الناس من الزنا فرقا منه ، فأقاموا كذلك إلى زمان فاكن [1] الملك ففسد أمره وبطله .