نام کتاب : أبو بكر بن أبي قحافة نویسنده : علي الخليلي جلد : 1 صفحه : 192
بين المنزلتين ويناسب بين الحالتين ، ولو كان أبو بكر شريكا لرسول الله في الرسالة وممنوحا من الله بفضيلة النبوة وكانت قريش والعرب تطلبه كما تطلب محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لكان للجاحظ أن يقول ذلك ، فأما وحاله حاله وهو أضعف المسلمين جنانا وأقلهم عند العرب ترة ، لم يرم قط بسهم ، ولا سل سيفا ، ولا أراق دما ، وهو أحد الاتباع ، غير مشهور ولا معروف ، ولا طالب ولا مطلوب ، فكيف يجوز ان يجعل مقامه ومنزلته مقام رسول الله ومنزلته ؟ ولقد خرج عبد الرحمن مع المشركين يوم أحد فرآه أبو بكر فقام مغيظا عليه فسل من السيف مقدار إصبع يروم البروز إليه ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا أبا بكر ! شم سيفك ، وأمتعنا بنفسك ، ولم يقل له ( وأمتعنا بنفسك ) إلا لعلمه بأنه ليس أهلا للحرب وملاقاة الرجال ، وانه لو بارز لقتل . وكيف يقول الجاحظ : لا فضيلة لمباشرة الحروب ولقاء الاقران وقتل ابطال الشرك ؟ وهل قامت عمد الاسلام إلا على ذلك ؟ وهل ثبت الدين واستقر إلا بذلك ؟ أتراه لم يسمع قول الله تعالى ( ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) [1] والمحبة من الله تعالى هي إرادة الثواب ، فكل من كان أشد ثبوتا في هذا الصف وأعظم قتالا ، كان أحب إلى الله ، ومعنى الأفضل هو الأكثر ثوابا ، فعلي إذا هو أحب المسلمين إلى الله لأنه أثبتهم قدما في الصف المرصوص ، ولم يفر قط بإجماع الأمة ، ولا بارزه قرن إلا قتله ، أو تراه لم يسمع قول الله تعالى : ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) [2] وقوله : ( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ) [3] . ثم قال سبحانه مؤكدا لهذا البيع والشراء ( ومن
[1] سورة الصف ، الآية 4 . [2] سورة النساء ، الآية 95 . [3] سورة التوبة ، الآية 111 .
192
نام کتاب : أبو بكر بن أبي قحافة نویسنده : علي الخليلي جلد : 1 صفحه : 192