- " أجل ! فكان من الطبيعي له ، أن يقدم حقّه قرباناً لحياة المسلمين ، وقد صرح ( رضي الله عنه ) بذلك في كتاب له بعثه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاّه إمارتها " . - " وماذا قال فيه ؟ " . - " إذ قال : أما بعد ، فان اللّه سبحانه بعث محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، نذيراً للعالمين ومهيمناً على المرسلين ، فلما مضى ( عليه السلام ) ، تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فواللّه ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، عن أهل بيته ، ولا أنهم منحوه عني من بعده ، فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان ، كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب ، فنهض في تلك الاحداث حتّى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتنهنه . . إلى آخر كلامه ، فراجعه في نهج البلاغة " . - " وبذلك ، فلم يرد أن يحتفظ بحقه في الحكومة ؟ " . - " إنه لم يرد ذلك ولم يفعل مثل هذا ؟ " . - " ألست تقول هذا ، وهو يصرح بمثل هذا في كتابه إلى مالك الأشتر ؟ " . - " إنك لم تفهم ما عناه الإمام ، ولا ما قلته لك ! بل إنّه أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة ، والاحتجاج على من عدل عنه بها على وجه لا تشق بهما للمسلمين عصا ، ولا تقع بينهم فتنة ينتهزها عدوهم " . - " وكيف كان يتسنى له مثل ذلك ؟ " .