وغيرهم لم يشهدوا البيعة ، ولا دخلوا السقيفة يومئذ ، وكانوا في معزل عنها وعن كُلّ ما كان فيها ، منصرفين بكُلّهم إلى خطبهم الفادح بوفاة رسول اللّه ، وقيامهم بالواجب من تجهيزه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لا يعنون بغير ذلك ، وما واروه بعد ، في ضراحه الأقدس حتّى أكمل أهل السقيفة أمرهم " . - " ماذا تعني ؟ " . - " . . فأبرموا البيعة ، وأحكموا العقد ، وتواثقوا - أخذا بالحزم - على منع كُلّ قول أو فعل يوهن بيعتهم ، أو يخدش عقدهم ، أو يدخل التشويش والاضطراب على عامتهم " . - " وإذن ؟ " . - " وإذن ! فأين كان الإمام عن السقيفة وعن بيعة الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم ؟ وأنّى يتسنى له الاحتجاج ، أو لغيره بعد عقد البيعة ، وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم ، وأعلن أُولو الحول والطول تلك الشدة " . - " ولِمَ لم يقابلهم علي بن أبي طالب ، هو وأصحابه ؟ " . - " هل يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة ، بما يرفع سلطتهم ، ويلغي دولتهم ؟ وهل يتركونه وشأنه لو أراد ذلك ؟ هيهات هيهات ، فقس الماضي على الحاضر ، فالناس ناس والزمان زمان . . هذا ، فضلاً عن أن علياً كان قد هيأ نفسه لمثل ذلك إلاّ أنه لم يبق معه إلاّ نفر قليل من أصحابه ، ممن كان قد آمن به حقاً ! " . - " وبذلك ، فإنك لتقصد أن علياً خاف الفتنة ، فلم يحتج ؟ ! " . - " بالتأكيد ! فإنّ علياً لم ير للاحتجاج عليهم يومئذ أيّما أثر ، إلاّ الفتنة التي كان يؤثر ضياع حقه على حصولها في تلك الظروف ، إذ كان يخشى منها