- " هذا كلام معقول " . وإذا بنبيل الذي ظل يحوم حول أطراف مجلسنا ، وهو يراقب انعكاسات حديثنا ، كالدجاجة التي تريد أن تضع بيضها ، حتّى إذا ما وجد الفرصة مؤاتية ، قفز إلى حلقتنا هذه ، ليقلبها مأتماً نعزي فيه بعضنا البعض الآخر . فقال : - " . . وأكثر من ذلك ، فإن معسكري الشرق والغرب ، يعلن كلٌّ منهما عن مبادئه ، ويعلن بين الفينة والأُخرى ، أنهما على أهبة الاستعداد لعقد أية مفاوضات ، تضمن صلحاً بعيد المدى . . مع أنهما لم يكونا وليدي الأعصار القديمة ، إنما هما قد أولدتهما الأحقاب المعاصرة . إلاّ أن هذا الأمر الذي بيننا وبين الشيعة ما أراه إلاّ أنه يغور في أعماق التاريخ حتّى سيجر بأسبابه نحونا ، ويصير بنا صوب التسليم إلى حقيقة مفادها أن الميراث التاريخي لا بدّ وإن يحلم بين شدقي العصور والدهور كُلّ حرارة وتعاسة " . قلت له : - " لا بدّ أنك أنت الآخر تشعر بالحزن تجاه ما فعله قاسم ؟ " . - " ولِمَ لا ، فإنّي ما كنت أجد أحداً أكثر تعصباً منه لدينه ومذهبه . . وإذا بي ألفيه في ليلة وضحاها يغيّر ، ليتغير لدينا قالب الحياة ولونها " . - " لماذا ، أكنت تتعبد على مذهبك لأجل قاسم ؟ " . - " لا ، ولكني كنت أثق به ثقة عمياء جداً ، فلا يمكنك أن تتصور إلى أي حد كان له أن يؤثر على كافة قراراتي " . - " أجده واضحاً لا شك " . - " أتمزح ؟ " .