responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وانقضت أوهام العمر نویسنده : السيد جمال محمد صالح    جلد : 1  صفحه : 323


- " أجل ، وأنا أصدّق على ما تظنه ، وأزيدك وضوحاً ، بأنّ ما لا تشك به إلاّ ظناً ، فإنّي لا أشك به إلاّ محض الحق وعين اليقين ، فإنّي قد رأيتك تصادق على ما أدعيته ضدك ومن قبل ، فلقد سعيت سعيك في المصادرة على كُلّ ما اتهمتك به . ولقد جهدت جهدك الحثيث ، ومن دون أن تشعر لاثبات مدعاي ، وتأييد كُلّ ما أردت إفحامك به ، بل التأكيد على كُلّ ما أدلى به دلوي إليك . . " .
فقاطعني من جديد ، وهو يقول :
- " إذن ، أنا في قعر البئر " .
إلاّ إنّي أسهبت في الكلام ومن دون أن أعتني بما قال ، غير أني ابتسمت له كأني أطالبه بالتريث ، ريثما أحكي له قصة لوعتي ، وقصيد أشجاني الحقيقي ، لأنّ المسألة ما كانت تحتمل لمسة عناد ، أو مهملة لجاجة . . لأنّ الواقع يفترض بنا أن نكون جادين بقدر ما نكون عاطفيين ، نرتبط بآبائنا ، وبقدر ما لنا أن نرتبط بالعالم من حولنا ، ولو كان لنا أن نثبت لهم وقادن بأكثر مما نثبته للآخرين ، ونكون لهم خير خلف لخير سلف . . فقلت له ، وأنا أُتابع حديثي :
- " لأنك كنت قد صورت نفسك كالقمر ، وشبهت حالك بحاله ، عملاً عرضك للظهور كما ظهر آباؤك من قبل ، رجاء أن تدفع عنهم الرِّيَب والتهم ، وتبري ساحتهم بنفس الدليل والبرهان الذي صرت تدفع بهما عن نفسك ، لأنك ما طمحت إلى أن تكون أفضل منهم . ولربما كان اللّه قد آتاك من العلم ما لم يؤتهم هم أنفسهم ، إلاّ أنك مع ذلك رضيت بهذا القدر اليسير ، واكتفيت به ، كما لو أدرت القول بأنّك ترضى لنفسك من العيش ما رضيه السلف من الماضين ، والسابقون من القدماء ، من حيث سكنى الكهوف ، والاشتغال بالزراعة وبعض الصناعات فقط ، والاكتفاء بضوء الشموع بدلاً عن أضواء

323

نام کتاب : وانقضت أوهام العمر نویسنده : السيد جمال محمد صالح    جلد : 1  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست