عنيت الأخير ، فما كان لك إلاّ أن تعني أباه كذلك ، يعني جدّ جدّك ، وهكذا إلى ما دون نهاية ؟ " . فقلت له : - " أرأيت ! إن كُلّ من كان من آبائنا وأجدادنا . . كان قد سار على منوال سبقه إليه الأباء إلى اقتفاء أثره ، ومن قبله . . فلم يحقق فيه ، ولم يجشم نفسه عناء الضلوع بدراسة ما يدين به أو يعتقده مما كان قد توصل إليه بالوراثة ! أفلا يخلق بهم ، وبنا حينما يصل إلينا شيئاً من هذا الإرث إلاّ أن نتوقف حياله قليلاً ، وننظر إلى ما ينفعنا منه . . فلماذا لا ترتدي ثياب أجدادك المتوفين ، أو لا تعمد إلى الاستفادة من أشياء الذين ماتوا منهم ، أو لبس ملابس أبيك بعد رحيله ، أو أخيك أو . . ، بل إن نفسك لتقشعرّ فزعاً ، حينما تخال عقلك قد لائمه مثل هذا التفكير ، أو أنغمس في مثل هذا الاعتقاد الشائه غير السائغ ! حتّى تضغط على أفكارك ، تغالبه من خلالها ، أملا منك في أن لا يراجعك بمثله ، أو يلاحيك رجاء أن يقنعك بضرورة استخدام ولبس كُلّ ما كانوا قد أبلوه . . معذرة ! كُلّ ما كانوا قد استعملوه ، وبقي على حاله ، لم يمسسه أيّما سبب يمكن أن يحيله إلى حالة من الرثة ، يمكن أن تصيبه . . فهو كما لو كانوا وللتو قد أحضروه إليك من السوق . . جديداً بعلبته . فلماذا تتقزز نفسك من مثل هذه الأشياء ؟ . . ألأنّها تتعلق بأموات ليس لهم أن يرجعوا إلاّ بإذن اللّه ، بعد أن يصبح رفاتهم رميماً تحت التراب ، تتآكله سباع بطون الأرض الناميات كالنمل المحشور في بطون التراب دون أن يتعين عليك مراقبة ممراته التي يسلكها ، وخلاياه التي يأوي إليها " . فقال لي :