- " كان الحديث يدور بين أحد تلامذة إمام الشيعة جعفر الصادق ، وهو هشام بن الحكم ، وبين عمرو بن عبيد أحد زعماء المعتزلة ، وذلك حينما دخل التلميذ على الإمام يحدثه بما جرى بينه وبين عمر ، فقال هشام للصادق : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك علي ، فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة ، فأتيت مسجد البصرة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملة سوداء متزر بها من صوف ، وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثُمّ قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثُمّ قلت : أيّها العالم ، إنّي رجل غريب ، تأذن لي في مسألة ؟ فقال لي : نعم ! فقلت : ألك عين ؟ فقال : يا بني ، أي شيء هذا من السؤال ، وشئ تراه كيف تسأل عنه ؟ فقلت : هكذا مسألتي . فقال : يا بني ، سَل ! وإن كانت مسألتك حمقاء . قلت : أجبني فيه . قال لي : سَلْ . قلت : ألك عين ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص . قلت : فلك أنف ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة . قلت : ألك فم ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أذوق به الطعام . قلت : فلك أذن ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الصوت . قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع به ؟ قال : أميّز به كُلّما ورد على هذه الجوارح والحواس . قلت : أوليس في هذه الجوارح غِنىً عن القلب ؟ فقال : لا . قلت : وكيف ذلك ، وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكّت في شيء شمته ، أو رأته ، أو ذاقته ، أو سمعته ، ردّته إلى القلب ، فيستيقن اليقين ، ويبطل الشك . فقلت : فإنّما أقام اللّه القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم . قلت : لا بدّ من القلب وإلا لم تستيقن