أبو الحسن الفتوني ( 1138 ه ) : وهو من أعاظم علماء عصره قال : « فالآن نشرع في بيان نبذٍ مما جرى عليها بعد رسول اللَّه ( ص ) ، من التعدي والتفريط ، بحيث أجهرت بالشكوى ، وأظهرت الوجد والغضب على المعتدين عليها ، حتّى أنَّها أوصت بمنعهم عن حضور جنازتها ، إذ لا يخفى حينئذٍ على كل منصف ، متذكر لما ذكرناه في شأنها ، أنَّ صدور مثل هذا عنهم قدح صريح فيهم ، حيث لم يبالوا - أولاً - بما ورد في حقِّها ، ولم يخافوا - ثانياً - من غضب اللَّه ورسوله » . ثُمَّ يستمر في الاستدلال . . . ثُمَّ يذكر رواية عن بكاء النبيّ ( ص ) حين حضرته الوفاة ، فسئل عن ذلك ، فقال : أبكي لذريتي ، وما يصنع بهم شرار أمتي من بعدي ، وكأني بفاطمة وقد ظلمت من بعدي ، وهي تنادي : يا أبتاه ، يا أبتاه ، فلا يعينها أحدٌ من أمتي » . ثُمَّ يقول : « هذا الكلام من النبيّ ( ص ) إشارة إلى ما سيأتي في المقالة الرابعة ، من المقصد الثاني ، مفصّلاً صريحاً ، من بيان هجوم عمر وجماعة معه ، بأمر أبي بكر ، على بيت فاطمة ، لإخراج عليّ والزبير منه للبيعة ، وكذا إلى منعها عن فدك ، والخمس ، وبقية إرثها من أبيها ( ص ) . ولا بأس إن ذكرنا مجملاً من ذلك ها هنا : نقل جماعة - سيأتي في الموضوع المذكور ذكر أساميهم ، والكتب الّتي نقلوا فيها - منهم الطبري ، والجوهري ، والقتيبي ، والسيوطي ، وابن عبد ربّه ، والواقدي ، وغيرهم خلق كثير : أنَّ عمر بن الخطاب وجماعة معه ، منهم خالد بن الوليد ، أتوا بأمر أبي بكر إلى بيت فاطمة ، وفيه عليّ والزبير ، وغيرهما ، فدقّوا الباب ، وناداهم عمر ، فأبوا أن يخرجوا . فلما سمعت فاطمة أصواتهم ، نادت بأعلى صوتها باكية : يا أبتاه ، يا رسول اللَّه ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة .