التحقيق ، والتشكيك من التدقيق ، والعلم من المعلومات ، وبالتالي الخطأ من الصواب ، ثم الحق من الباطل . وبعد ذلك يوحي هذا الكاتب ( ص 13 ) إلى القارئ بلزوم تجريد الباحث التاريخي لذهنه ، عن كل ميوله وانتماءاته ، معللاً بأن التاريخ علم وصفي ، سالباً بذلك الباحث المحقق في كل من التاريخ والعقائد والفقه ، حقه في إبداء وجهة نظره « المعيارية » ! في حقل الاعتقاد والفقه ، ولو كان اعتماداً على ما توصل إليه في تحقيقاته في هذين العلمين ، وعذره في ذلك هو أن البحث إنما هو في التاريخ ، وهو علم وصفي لا معياري ، أو أن الكتاب المدوَّن في ذلك كتاب يبحث فيه التاريخ ، فلا محل للأبحاث المعيارية فيه ! ! ويمضي هذا الكاتب مدعياً ( ص 14 ) أن البحث التاريخي إنما يلتقي مع العقيدة والفقه في النتائج لا في غيرها ، متجاهلاً لتوقف الكثير من مباحث الفقه والعقائد على الكثير من أبحاث التاريخ . غافلاً عن أن ما أسماه فأعني الكاتب بالإسقاط المذهبي ( ص 13 ) ، إنما يضر لو أن ما ذكره تمَّ من خلال عملية تشييد هذه المقدمات لاستخلاص النتيجة منها ، أما بعد ذلك فليس في البين ما يمنع الباحث الملتزم من إبداء الرأي في كيفية اندراج هذه النتائج التاريخية أو غيرها ، تحت المعايير المناسبة لها . وقد موَّه الكاتب في ذلك كله على القارئ بقوله ( ص 15 ) : إن غاية ما يرقى إليه التاريخ هو الظن الراجح ، فكيف يمكن إدراج بحوثه في جداول الأمور الاعتقادية التي يفترض فيها ثبوتها بالجزم واليقين . كما أوهم القارئ ، أن جميع ما يبحث في التاريخ لا يعدو كونه ظنّاً راجحاً ، ولو لبس أحياناً لباس اليقين الذاتي ، الذي غايته أن يدور مدار ظروف الباحث وأحواله ، خلافاً لليقين الموضوعي الذي يفترض حصوله لكل