المستقيم في طاعتها للَّه . وهذا واضح في ما قصه اللَّه من ملامح شخصيتها ، عندما كفلها زكريا ، وعندما واجهت الموقف الصعب في حملها لعيسى عليه السلام ، وفي ولادتها له . وإذا كان اللَّه قد وجهها من خلال الروح الذي أرسله إليها ، فإن ذلك لا يمثل حالة غيبية في الذات بل يمثل لطفاً إلهيّاً في التوجيه العملي والتثبيت الروحي ، على أساس ممارستها الطبيعية للموقف في هذا الخط ، من خلال عناصرها الشخصية الإنسانية ، التي كانت تعاني من نقاط الضعف الإنساني في داخلها ، تماماً كما هي المسألة في الرجل في الحالات المماثلة . . وهذا يعني أننا لا نجد فرقاً بين الرجل والمرأة عند تعرض أي منهما للتجربة القاسية في الموقف الذي يرفضه المجتمع من دون أن يملك فيه أي عذر معقول ؛ الأمر الذي يخرج فيه الموقف عن القائمة المتمثلة فيه ، من حيث القيمة الاجتماعية السلبية في دائرة الانحراف الأخلاقي . انتهى كلامه في كتاب تأملات إسلامية ، وهو الكتاب الذي يقول السيد فضل اللَّه فيه ضمن محاورة مطبوعة في آخر كتاب ( المرأة بين واقعها وحقها ص 75 ) يقول : إن هذه الأفكار لم تكن وليدة مناسبة ولا هي طارئة . . . الخ . معنى كلام السيد فضل اللَّه فالسيد فضل اللَّه يتحدث عن فكره الثابت فيما يتعلق بنماذج من النساء العظيمات ، ويذكر السيدة مريم وامرأة فرعون وخديجة الكبرى والسيدة الزهراء وابنتها السيدة زينب بنت علي سلام اللَّه عليهن أجمعين ، ويشير إلى السبب الذي جعلهن يرتقين إلى المستويات العالية من الإيمان والرسالية ، ويؤكد أن السبب ليس هو إلا الظروف الطبيعية ، وينفي وجود أي عنصر غيبي مميز ، يخرجهن عن مستوى المرأة العادي . فهن إذن نساء عاديات ، وصلن إلى الكمال الذي وصلن إليه ، بواسطة الظروف الطبيعية التي مكنتهن من التدرج والارتقاء روحيّاً وإيمانيّاً .