مع مقدمة كتاب مأساة المأساة يبدأ الكاتب بالإشارة إلى كون علم التاريخ وصفيّاً لا معياريّاً ، مشرعاً بذلك السبيل نحو سلب القارئ التفاته إلى أي أرضية ، تمهدها التحقيقات التاريخية أمام البحوث العقائدية والفقهية ، فيقول ( ص 13 من كتاب مأساة المأساة ) : لا بد من إعطاء البحث التاريخي حيِّزاً مستقلاً عن المباحث والمعايير الأخرى ، كالبحث الفقهي وإثبات مسائل الاعتقاد . . . فهو جهد محايد يبتكر أدواته ووسائله المنهجية المستقلة عن باقي العلوم . كما يشير هذا الكاتب إلى لزوم تسلح الباحث . . . بأدوات الشك ؟ وعلامات التساؤل ! ويضيف إلى هذا استعماله ألفاظ الشك المنهجي والعلمي والموضوعي ، كل ذلك ليفتح الطريق أمام ذهن القارئ ، ليتقبَّل ، ومن ثَمَّ ، ليذعن بتشكيكات المشكِّكين ، وتساؤلات المتسائلين ، التي يصفها فبزعمه بالمنهجية . مع أنها فأي هذه الشكوك مجردة غالباً عن السعي المنطقي والعلمي ، نحو تحصيل الإجابات المناسبة لها ، من خلال الرجوع إلى المصادر المعتمدة ، وإلى أهل الاختصاص الموثوقين ، ما يكشف أكثر عن عدم كونها من الأمور التي يصح جعلها ضمن إطار المنهج العلمي . والسبب في هذا الأمر ، إلقاء صاحب هذه الشكوك لها في محافل من عموم الناس ، من الذين يفتقدون للكثير من القدرة على تمييز التساؤل من