نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 105
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) * ( 1 ) ، والروايات تشير إلى أنّ النبي هو الرسول الظاهر ، والعقل هو الرسول الباطن ( 2 ) ، وهذا المعنى وإن كان صحيحاً في نفسه ، إلاّ أنّ ظاهر اللفظ لا يساعد عليه ، وينبغي تهيئة الجو الاجتماعي لتقبّل القانون ، وأن لا يتمّ إقحام القانون في أجواء لا تتفاعل معه ، وأنّ أيّ قانون جديد إذا أردنا أن نطبّقه في مجتمع مّا ، لابدّ أن يسبقه وعيّ قانوني ، وثقافة قانونية ناضجة ، لأنّه لا يكفي أن يكون القانون متكاملا ، بل يجب مراعاة استيعاب الناس لهذا القانون ، ولهذا السبب نزول القرآن بشكل مفصّل وتدريجي ، حتى تتهيأ النفوس للتفاعل معه ، ولأنّ الناس لا تستوعب التربية القرآنية على شكل دفعة واحدة بدون تهيئة . قال السيد الطباطبائي ، في ذيل تفسير هذه الآية الكريمة : * ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ) * ( 3 ) قال : " الأخذ بالشيء هو لزومه أو عدم تركه فأخذ العفو ملازمة الستر على إساءة من أساء إليه ، والإغماض عن حق الانتقام الذي يعطيه العقل الاجتماعي لبعضهم على بعض . هذا بالنسبة إلى إساءة الغير بالنسبة إلى نفسه والتضييع لحق شخصه ، وأمّا ما أُضيع فيه حق الغير بالإساءة إليه فليس مما يسوغ العفو فيه ، لأنّه إغراء بالإثم ، وتضييع لحق الغير بنحو أشد ، وإبطال للنواميس الحافظة للاجتماع ، ويمنع عنه جميع الآيات الناهية عن الظلم والإفساد وإعانة الظالمين والركون إليهم ، بل جميع الآيات المعطية لأُصول الشرائع والقوانين ، وهو ظاهر . فالمراد بقوله : * ( خُذْ الْعَفْوَ ) * ، هو الستر بالعفو فيما يرجع إلى شخصه ( صلى الله عليه وآله ) وعلى ذلك كان يسير فقد تقدم في بعض الروايات المتقدمة في أدبه ( صلى الله عليه وآله ) : أنّه لم ينتقم من