والنقص والشدة والضعف في نفس الطبيعة المشتركة ، وهو التشكيك . والحق [1] أن الماهية بما أنها هي لا تقبل التشكيك ، وإنما التشكيك في الوجود . هذا كله في الكلية ، وأنها خاصة ذهنية للماهية . وأما الجزئية وهي امتناع الشركة في الشئ ، وتسمى : ( الشخصية ) ، فالحق أنها بالوجود كما ذهب إليه الفارابي رحمه الله وتبعه صدر المتألهين [2] رحمه الله . قال في الأسفار : ( والحق أن تشخص الشئ - بمعنى كونه ممتنع الشركة فيه بحسب نفس تصوره - إنما يكون بأمر زائد على الماهية مانع بحسب ذاته من تصور الاشتراك فيه . فالمشخص للشئ - بمعنى ما به يصير ممتنع الاشتراك فيه - لا يكون بالحقيقة إلا نفس وجود ذلك الشئ ، كما ذهب إليه المعلم الثاني ، فإن كل وجود متشخص بنفس ذاته ، وإذا قطع النظر عن نحو الوجود الخاص للشئ فالعقل لا يأبى عن تجويز الاشتراك فيه وإن ضم إليه ألف مخصص ، فإن الامتياز في الواقع غير التشخص ، إذ الأول للشئ بالقياس إلى المشاركات في أمر عام ، والثاني باعتباره في نفسه حتى أنه لو لم يكن له مشارك لا يحتاج إلى مميز زائد مع أن له تشخصا في نفسه . ولا يبعد أن يكون التميز يوجب للشئ استعداد التشخص ، فإن النوع المادي المنتشر ما لم تكن المادة متخصصة الاستعداد لواحد منه لا يفيض وجوده عن المبدأ الأعلى ) [3] ، انتهى . ويتبين به : أولا : أن الأعراض المشخصة التي أسندوا التشخص إليها - وهي عامة الأعراض كما هو ظاهر كلام بعضهم [4] ، وخصوص الوضع ومتى وأين كما صرح
[1] كما في تعليقات شرح حكمة الاشراق لصدر المتألهين ، فراجع شرح حكمة الاشراق ص 234 و 237 . [2] نسب إليهما في شرح المنظومة ص 106 ونسب إلى الفارابي وغيره في حاشية شرح التجريد القوشجي للمحقق الدواني ، فراجع حاشيته عليه ص 96 . [3] راجع الأسفار ج 2 ص 10 . [4] كالشيخ الرئيس في الشفاء حيث قال : ( ثم تخالطه معان وأسباب أخر يتحصل بها واحد الفياض لكل وجود ) ، وكذا قول بعضهم ( 7 ) : ( إن تشخص العرض واحد من الأشخاص الإنسانية ويتميز بها شخص عن شخص ، مثل أن يكون هذا قصيرا وذاك طويلا وهذا أبيض وذاك أسود . ولا يكون شئ من هذه بحيث لو لم يكن موجودا لذات الشخص وكان بدله غيره لزم منه أن يفسد لأجله ، بل هذه أمور تتبع وتلزم ، وإنما تكون حقيقة وجوده بالإنسانية ، فتكون ماهية كل شخص هي بإنسانيته ، لكن إنيته الشخصية تتحصل من كيفية وكمية وغير ذلك ) . راجع الفصل الخامس من المقالة الأولى من الفن الأول من منطق الشفاء . وقال أيضا : ( والشخص إنما يصير شخصا بأن تقترن بالنوع خواص عرضية لازمة وغير لازمة ) . راجع الفصل الثاني عشر من المقالة الأولى من الفن الأول من منطق الشفاء .