الإمكاني فاصطلاح آخر في الإمكان . والوجوب يستعمل فيه الإمكان والوجوب بمعنى الفقر الذاتي والغنى الذاتي ، وليس يراد به سلب الضرورتين أو استواء النسبة إلى الوجود والعدم ، إذ لا يعقل ذلك بالنسبة إلى الوجود . الأمر الثاني : أن الإمكان لازم الماهية ، إذ لو لم يلزمها جاز أن تخلو منه فكانت واجبة أو ممتنعة ، فكانت في نفسها موجودة أو معدومة ، والماهية من حيث هي لا موجودة ولا معدومة . والمراد بكونه لازما لها أن فرض الماهية من حيث هي يكفي في اتصافها بالإمكان من غير حاجة إلى أمر زائد دون اللزوم الاصطلاحي ، وهو كون الملزوم علة مقتضية لتحقق اللازم ولحوقه به ، إذ لا اقتضاء في مرتبة الماهية من حيث هي إثباتا ونفيا . لا يقال : تحقق سلب الضرورتين في مرتبة ذات الماهية يقضي بكون الإمكان داخلا في ذات الشئ ، وهو ظاهر الفساد . فإنا نقول : إنما يكون محمول من المحمولات داخلا في الذات إذا كان الحمل حملا أوليا ملاكه الاتحاد المفهومي ، دون الحمل الشائع الذي ملاكه الاتحاد الوجودي ، والإمكان وسائر لوازم الماهيات الحمل بينها وبين الماهية من حيث هي حمل شائع لا أولي . الأمر الثالث : أن الإمكان موجود بوجود موضوعه في الأعيان ، وليس اعتبارا عقليا محضا لا صورة له في الأعيان كما قال به بعضهم [1] ، ولا أنه موجود
[1] نسب إلى الشيخ الإشراقي ، فراجع الأسفار ج 1 ص 172 حيث قال : ( قد وضع شيخ الإشراقيين قاعدة لكون الإمكان وأشباهه أوصافا عقلية لا صورة لها في الأعيان ) . وراجع حكمة الاشراق ص 71 - 72 حيث قال : ( وأما الصفات العقلية إذا اشتق منها وصارت محمولة كقولنا : ( كل جسم هو ممكن ) فالممكنية والإمكان كلاهما عقليان فحسب - أي ليس شئ منهما بخارجي - ) . وراجع أيضا شرح حكمة الاشراق ص 200 ، والمطارحات ص 343 ، والتلويحات ص 25 ، وذهب إليه أيضا المحقق الطوسي واستدل عليه بوجوه ، فراجع كشف المراد ص 49 - 51 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 33 - 35 ، والمسألة العشرين من الفصل الأول من شوارق الالهام .