العلة ، وهو لا يفيد اليقين ، بل ربما يسلك فيه من بعض اللوازم العامة التي للموجودات المطلقة إلى بعض آخر وهو يفيد اليقين ، كما بينه الشيخ في كتاب البرهان من منطق الشفاء [1] . وقد سلك في البرهان السابق من حال لازمة لمفهوم وموجود ما - وهو مساوق للموجود من حيث هو موجود - إلى حال لازمة أخرى له ، وهو أن من مصاديقه وجود علة غير معلولة يجب وجودها لذاتها . فقد تبين بذلك أن البيان المذكور برهان إني مفيد لليقين كسائر البراهين الموضوعة في الفلسفة لبيان خواص الموجود من حيث هو موجود المساوية للموجود العام . تنبيه محصل البيان السابق أن تحقق موجود ما ملازم لترجح وجوده إما لذاته فيكون واجبا بالذات ، أو لغيره وينتهي إلى ما ترجح بذاته ، وإلا دار أو تسلسل وهما مستحيلان . ويمكن تبديل ترجح الوجود من وجوب الوجود فيكون سلوكا إنيا من مسلك آخر . تقريره : أنه لا ريب أن هناك موجودا ما ، وكل موجود فإنه واجب ، لأن الشئ ما لم يجب لم يوجد ، فإن كان هو أو شئ منه واجبا لذاته فهو المطلوب ، وإن كان واجبا لغيره وهو علته الموجودة الواجبة ، فعليته إما واجبة لذاتها فهو ، وإما واجبة لغيرها ، فننقل الكلام إلى علة علته ، وهلم جرا ، فإما أن يدور أو يتسلسل أو ينتهي إلى واجب لذاته ، والشقان الأولان مستحيلان ، والثالث هو المطلوب .
[1] راجع الفصل الثامن من المقالة الأولى من الفن الخامس من منطق الشفاء .