بقولهم : ( إن إعادة المعدوم بعينه ممتنعة ) [1] . وقد عد الشيخ امتناع إعادة المعدوم بعينه ضروريا [2] . وقد أقاموا على ذلك حججا [3] هي تنبيهات بناء على ضرورية المسألة : ومنها : أنه لو جاز للموجود في زمان أن ينعدم زمانا ثم يوجد بعينه في زمان آخر ، لزم تخلل العدم بين الشئ ونفسه ، وهو محال ، لاستلزامه وجود الشئ في زمانين بينهما عدم متخلل . ومنها : أنه لو جازت إعادة الشئ بعينه بعد انعدامه جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه ابتداء ، وهو محال . أما الملازمة : فلأن الشئ المعاد بعينه وما يماثله من جميع الوجوه مثلان ، وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد . فلو جاز إيجاده بعينه ثانيا بنحو الإعادة جاز إيجاد مثله ابتداء . وأما استحالة اللازم : فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود عدم التميز بينهما ، وهما اثنان متمايزان . ومنها : أن إعادة المعدوم بعينه توجب كون المعاد هو المبتدأ ، لأن فرض العينية يوجب كون المعاد هو المبتدأ ذاتا وفي جميع الخصوصيات المشخصة حتى الزمان ، فيعود المعاد مبتدأ وحيثية الإعادة عين حيثية الابتداء . ومنها : أنه لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود بالغا حدا معينا يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية والثالثة وهكذا إلى ما لا نهاية له . كما لم يكن
[1] وذهب إليه الحكماء ، وجماعة من المتكلمين ، ومنهم بعض الكرامية وأبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي من المعتزلة ، خلافا للأشاعرة ومشايخ المعتزلة فإن إعادة المعدوم جائزة عندهم . راجع شرح المواقف ص 579 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 60 - 63 وقواعد المرام في علم الكلام ص 147 . [2] راجع الفصل الخامس من المقالة الأولى من إلهيات الشفاء . واستحسنه فخر الدين الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 48 . [3] راجع المباحث المشرقية ج 1 ص 47 - 48 ، والأسفار ج 1 ص 353 - 364 ، وشرح المنظومة ص 48 - 51 ، وكشف المراد ص 75 ، وشوارق الالهام ص 122 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 60 - 65 .