بالكميات نظير الاستقامة والاستواء والاعوجاج ، ظاهر ، فإن الجسم المتحرك في كمه يتحرك في الكيفيات القائمة بكمه البتة . وأما الكم ، فالحركة فيه تغير الجسم في كمه تغيرا متصلا منتظما متدرجا ، كالنمو الذي هو زيادة الجسم في حجمه زيادة متصلة بنسبة منتظمة تدريجا . وقد اعترض عليه [1] : أن النمو إنما يتحقق بانضمام أجزاء من خارج إلى أجزاء الجسم . فالحجم الكبير اللاحق كم عارض لمجموع الأجزاء الأصلية والمنضمة ، والحجم الصغير السابق هو الكم العارض لنفس الأجزاء الأصلية ، والكمان متباينان غير متصلين لتباين موضوعيهما . فالنمو زوال لكم وحدوث لكم آخر ، لا حركة . وأجيب عنه [2] : بأن انضمام الضمائم لا شك فيه ، لكن الطبيعة تبدل الأجزاء المنضمة إلى صورة الأجزاء الأصلية ، وتزيد به كمية الأجزاء الأصلية زيادة متصلة منتظمة متدرجة ، وهي الحركة كما هو ظاهر . وأما الأين ، فوقوع الحركة فيه ظاهر ، كما في انتقالات الأجسام من مكان إلى مكان ، لكن كون الأين مقولة مستقلة في نفسها لا يخلو من شك . وأما الوضع ، فوقوع الحركة فيه أيضا ظاهر ، كحركة الكرة على محورها ، فإن وضعها يتبدل بتبدل نسب النقاط المفروضة على سطحها إلى الخارج عنها تبدلا متصلا تدريجيا . قالوا [3] : ( ولا تقع في سائر المقولات - وهي الفعل والانفعال والمتى
[1] والمعترض الشيخ الإشراقي ومتابعوه ، كما في الأسفار ج 3 ص 89 . وتعرض له وللإجابة عليه أيضا المحقق الآملي في درر الفوائد ص 211 - 212 . [2] راجع الأسفار ج 3 ص 88 - 93 ، ودرر الفوائد ص 212 . [3] والقائل أكثر من تقدم على صدر المتألهين ، فراجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأول من طبيعات الشفاء ، والمباحث المشرقية ج 1 ص 593 - 594 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 265 - 266 ، والنجاة ص 106 - 107 ، وكشف المراد ص 265 - 266 .