الفعل المترتبة عليه فإنما هي غاية مرادة بالتبع . وثانيا : أن الغاية كمال للفاعل دائما ، فإن كان الفاعل متعلقا بالمادة نوعا من التعلق كان مستكملا بالغاية التي هي ذاته الفاعلة بما أنها فاعلة ، وإن كان مجردا عن المادة مطلقا كانت الغاية عين ذاته التي هي كمال ذاته من غير أن يكون كمالا بعد النقص وفعلية بعد القوة . ومن هنا يتبين أن قولهم [1] : ( إن كل فاعل له في فعله غاية فإنه يستكمل بغايته وينتفع به ) ، لا يخلو من مسامحة ، فإنه غير مطرد إلا في الفواعل المتعلقة بالمادة نوع تعلق . تنبيه : ذهب قوم من المتكلمين [2] إلى أن الواجب ( تعالى ) لا غاية له في أفعاله ، لغناه بالذات عن غيره ، وهو معنى قولهم : ( إن أفعال الله لا تعلل بالأغراض ) [3] . وذهب آخرون منهم [4] إلى أن له ( تعالى ) في أفعاله غايات ومصالح عائدة إلى غيره وينتفع بها خلقه . ويرد الأول ما تقدم ( 5 ) أن فعل الفاعل لا يخلو من أن يكون خيرا مطلوبا له بالذات أو منتهيا إلى خير مطلوب بالذات ، وليس من لوازم وجود الغاية حاجة الفاعل إليها ، لجواز كونها عين الفاعل - كما تقدم ( 6 ) - .
[1] راجع الأسفار ج 2 ص 279 ، والمباحث المشرقية ج 1 ص 542 - 543 . [2] وهم الأشاعرة على ما نقل في كشف المراد ص 306 ، ومفتاح الباب ص 160 - 161 ، والنافع يوم الحشر ص 29 ، وشرح المواقف ص 538 ، وشرح المقاصد ج 2 ص 156 . وذهب إليه الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 542 - 543 ، والمحصل ( تلخيص المحصل ) ص 343 . وذهب إليه أيضا بعض الفلاسفة كالشيخ الإشراقي في المطارحات ص 427 . [3] راجع شرح المواقف ص 538 ، وشرح المقاصد ج 2 ص 156 . [4] أي من المتكلمين ، وهم المعتزلة . وتبعهم المحقق الطوسي والعلامة الحلي والفاضل المقداد . راجع كشف المراد ص 306 ، والنافع يوم الحشر ص 29 . ( 5 و 6 ) في ابتداء هذا الفصل .