وفيه : أن الكلام منقول إلى ما عنده من الصورة المعقولة ، وهي صورة معقولة تقتضي مطابقا فيما وراءها تطابقه . وقيل [1] : المراد بنفس الأمر نفس الشئ ، فهو من وضع الظاهر موضع الضمير ، فكون العدم - مثلا - باطل الذات في نفس الأمر كونه في نفسه كذلك . وفيه : أن ما لا مطابق له في خارج ولا في ذهن لا نفسية له حتى يطابقه هو وأحكامه . وثامنا : أن الشيئية مساوقة للوجود ، فما لا وجود له لا شيئية له ، فالمعدوم من حيث هو معدوم ليس بشئ . ونسب إلى المعتزلة [2] أن للماهيات الممكنة المعدومة شيئية في العدم ، وأن بين الوجود والعدم واسطة يسمونها ( الحال ) ، وعرفوها بصفة الموجود التي ليست موجودة ولا معدومة كالضاحكية والكاتبية للإنسان ، لكنهم ينفون الواسطة بين النفي والإثبات ، فالمنفي هو المحال ، والثابت هو الواجب والممكن الموجود والممكن المعدوم ، والحال [ هي ] التي ليست بموجودة ولا معدومة . وهذه دعاو يدفعها صريح العقل ، وهي بالاصطلاح أشبه منها بالنظرات العلمية ، فالصفح عن البحث فيها أولى . وتاسعا : أن حقيقة الوجود بما هي حقيقة الوجود لا سبب لها وراءها - أي إن هويته العينية التي هي لذاتها أصيلة موجودة طاردة للعدم ، لا تتوقف في تحققها
[1] والقائل هو القوشجي في شرح التجريد ص 56 حيث قال : ( والمراد بنفس الأمر ما يفهم من قولنا : هذا الأمر كذا في نفسه أو ليس كذا . . . على أن المراد بالأمر الشأن والشئ وبالنفس الذات ) . [2] كأبي يعقوب وأبي علي وابنه وأبي الحسن الخياط والبلخي وأبي عبد الله وابن عياش و عبد الجبار ، هكذا في أنوار الملكوت في شرح الياقوت ص 49 . ونسب إليهم في المحصل ص 85 - 91 ، والأسفار ج 1 ص 75 - 78 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 95 ، وشرح المواقف ص 109 ، وقواعد المرام في علم الكلام ص 49 ، والمقاومات ص 125 - 127 ، والمطارحات ص 203 - 209 .