موجودة بالوجود حقيقة قبال ما ليس بموجود بالوجود . وسادسا : أن الوجود عارض للماهية - بمعنى أن للعقل أن يجرد الماهية عن الوجود ، فيعقلها وحدها من غير نظر إلى وجودها - فليس الوجود عينها ، ولا جزءا لها . ومن الدليل على ذلك جواز سلب الوجود عن الماهية ، واحتياج اتصافها به إلى الدليل ، وكونها متساوية النسبة في نفسها إلى الوجود والعدم ، ولو كان الوجود عينها أو جزءا لها لما صح شئ من ذلك . والمغايرة - كما عرفت [1] - عقلية ، فلا تنافي إتحاد الماهية والوجود خارجا وذهنا ، فليس هناك إلا حقيقة واحدة هي الوجود لمكان أصالته واعتباريتها ، فالماهيات المختلفة يختلف بها الوجود نحوا من الاختلاف من غير أن يزيد على الوجود شئ ، وهذا معنى قولهم : ( إن الماهيات أنحاء الوجود ) [2] . وإلى هذا الاختلاف يؤول ما بين الماهيات الموجودة من التميز والبينونة واختلاف الآثار ، هو معنى قولهم : ( إن الماهيات حدود الوجود ) [3] . فذات كل ماهية موجودة حد لا يتعداه وجودها ، ويلزمه سلوب بعدد الماهيات الموجودة الخارجة عنها . فماهية الإنسان الموجودة - مثلا - حد لوجوده ، لا يتعداه وجوده إلى غيره ، فهو ليس بفرس وليس ببقر وليس بشجر وليس بحجر ، إلى آخر الماهيات الموجودة المباينة للإنسان . وسابعا : أن ثبوت كل شئ - أي نحو من الثبوت فرض - إنما هو لوجود هناك خارجي يطرد العدم لذاته . فللتصديقات النفس الأمرية - التي لا مطابق لها في خارج ولا في ذهن - مطابق ثابت نحوا من الثبوت التبعي بتبع الموجودات الحقيقية . توضيح ذلك : أن من التصديقات الحقة ما له مطابق في الخارج ، نحو ( الإنسان موجود ) و ( الإنسان كاتب ) . ومنها ما له مطابق في الذهن ، نحو
[1] في الفرع الأول . [2] راجع الأسفار : ج 1 ص 57 و 360 . [3] وقد يقال : ( الماهيات حكايات الوجودات ) ، فراجع تعليقة السبزواري على الأسفار ج 1 ص 248 الرقم ( 1 ) .