وأما القول الثاني المنسوب إلى النظام ، وهو أن الجسم مركب من أجزاء لا تتجزى غير متناهية . فيرد عليه ما يرد على القول الأول ، مضافا إلى أن عدم تناهي الأجزاء على تقدير كونها ذوات حجم يوجب كون الجسم المتكون من اجتماعها غير متناهي الحجم بالضرورة ، والضرورة تدفعه [1] . وأما القول الثالث المنسوب إلى ذيمقراطيس ، وهو أن الجسم مركب من أجزاء صغار صلبة لا تتجزى خارجا ، وإن جاز أن تتجزى وهما وعقلا . ففيه : أن هذه الأجزاء لا محالة جواهر ذوات حجم ، فتكون أجساما ذوات اتصال جوهري تتألف منها الأجسام المحسوسة ، فالذي يثبته هذا القول أن هاهنا أجساما أولية هي مبادئ هذه الأجسام المحسوسة ، على أن هذا القول لا يتبين به نفي الهيولي وإبطال تركب الجسم منها ومن الصورة الجسمية ، وسيأتي إثباتها في الفصل التالي [2] ، فيؤول إلى إثبات الصورة الجسمية للأجسام الأولية التي هي مبادئ هذه الأجسام المحسوسة ، وإليها تنتهي بالتجزئة . وأما القول الرابع المنسوب إلى الشهرستاني ، وهو كون الجسم متصلا واحدا كما في الحس يقبل القسمة إلى أجزاء متناهية .
[1] هذا ، وأجاب عنه أيضا الشيخ الرئيس في النجاة ص 104 ، والفصل الرابع من المقالة الثالثة من الفن الأول من طبيعيات الشفاء . [2] راجع الفصل التالي .