وأما عد علم الشئ بنفسه من اتحاد العالم والمعلوم فهو باعتبار انتزاع مفهومي العالم والمعلوم منه وهما مفهومان متغايران ، فسمي ذلك ( اتحادا ) وإن كان في نفسه واحدا . وبما تقدم يظهر فساد الاعتراض بلزوم كون جميع المجردات شخصا واحدا لما ظهر أن شخصية العالم أو المعلوم لا تبطل بسبب الاتحاد المذكور . الفصل الثالث في انقسام العلم الحصولي إلى كلي وجزئي وما يتصل به ينقسم العلم الحصولي إلى كلي وجزئي . والكلي ما لا يمتنع العقل من فرض صدقه على كثيرين ، كالإنسان المعقول ، حيث يجوز العقل صدقه على كثيرين في الخارج . والجزئي ما يمتنع العقل من تجويز صدقه على كثيرين ، كالعلم بهذا الإنسان الحاصل بنوع من الاتصال بمادته الحاضرة ، ويسمى : ( علما حسيا وإحساسيا ) ، وكالعلم بالإنسان المفرد من غير حضور مادته ، ويسمى : ( علما خياليا ) . وعد هذين القسمين من العلم جزئيا ممتنع الصدق على كثيرين إنما هو من جهة اتصال أدوات الحس بمادة المعلوم الخارجي في العلم الحسي وتوقف العلم الخيالي على سبق العلم الحسي ، وإلا فالصورة العلمية سواء كانت حسية أو خيالية أو غيرهما لا تأبى بالنظر إلى نفسها أن تصدق على كثيرين . فروع : الأول : ظهر مما تقدم أن اتصال أدوات الحس بالمادة الخارجية وما في ذلك من الفعل والانفعال الماديين لحصول الاستعداد للنفس لإدراك صورة المعلوم جزئية أو كلية .