وبمثل ما تقدم أيضا يندفع الشبهة [1] عن عدة من القضايا توهم التناقض ، كقولنا : ( الجزئي جزئي ) وهو بعينه كلي يصدق على كثيرين . وقولنا : ( إجتماع النقيضين ممتنع ) وهو بعينه ممكن موجود في الذهن ، وقولنا : ( الشئ إما ثابت في الذهن أو لا ثابت فيه ) واللا ثابت في الذهن ثابت فيه ، لأنه معقول موجود بوجود ذهني . فالجزئي جزئي بالحمل الأولي ، كلي صادق على كثيرين بالحمل الشائع ، واجتماع النقيضين ممكن بالحمل الأولي ، ممتنع بالحمل الشائع ، واللا ثابت في الذهن لا ثابت فيه بالحمل الأولي ، ثابت فيه بالحمل الشائع . الفصل الخامس في أنه لا تكرر في الوجود [2] كل موجود في الأعيان فإن هويته العينية وجوده على ما تقدم [3] - من أصالة الوجود - والهوية العينية تأبى بذاته الصدق على كثيرين ، وهو التشخص ، فالشخصية للوجود بذاته . فلو فرض لموجود وجودان كانت هويته العينية الواحدة كثيرة وهي واحدة ، هذا محال [4] . وبمثل البيان يتبين استحالة وجود مثلين من جميع الجهات ، لأن لازم فرض مثلين اثنين التمايز بينهما بالضرورة ، ولازم فرض التماثل من كل جهة عدم التمايز بينهما ، وفي ذلك اجتماع النقيضين ، هذا محال . وبالجملة من الممتنع أن يوجد موجود واحد بأكثر من وجود واحد ، سواء كان الوجودان - مثلا - واقعين في زمان واحد من غير تخلل العدم بينهما أو
[1] تعرض لها صدر المتألهين الأسفار : ج 1 ص 292 - 294 ، والحكيم السبزواري في شرح المنظومة ص 52 - 53 . [2] وهو المراد بقولهم : ( لا تكرار في التجلي ) . [3] في الفصل الثاني من هذه المرحلة في المتن . [4] هكذا في الأسفار ج 1 ص 353 .