له من الثبوت المفروض بما يقتضيه من الحكم ، كاعتبار عدم العدم قبال العدم ، نظير اعتبار العدم المقابل للوجود قبال الوجود . وبذلك يندفع الإشكال [1] في اعتبار عدم العدم بأن العدم المضاف إلى العدم نوع من العدم ، وهو بما أنه رافع للعدم المضاف إليه يقابله تقابل التناقض ، والنوعية والتقابل لا يجتمعان البتة . وجه الاندفاع - كما أفاده صدر المتألهين [2] رحمه الله - أن الجهة مختلفة ، فعدم العدم بما أنه مفهوم أخص من مطلق العدم مأخوذ فيه العدم ، نوع من العدم ، وبما أن للعدم المضاف إليه ثبوتا مفروضا يرفعه العدم المضاف رفع النقيض للنقيض يقابله العدم المضاف . وبمثل ذلك يندفع ما أورد [3] على قولهم : ( المعدوم المطلق لا يخبر عنه ) [4] ، بأن القضية تناقض نفسها ، فإنها تدل على عدم الإخبار عن المعدوم المطلق ، وهذا بعينه خبر عنه . ويندفع [5] بأن المعدوم المطلق بما أنه بطلان محض في الواقع لا خبر عنه ، وبما أن لمفهومه ثبوتا ما ذهنيا يخبر عنه بأنه لا يخبر عنه فالجهتان مختلفتان . وبتعبير آخر : المعدوم المطلق بالحمل الشائع لا يخبر عنه ، وبالحمل الأولي يخبر عنه بأنه لا يخبر عنه .
[1] هذا الإشكال تعرض له صدر المتألهين في الأسفار ج 1 ص 352 . [2] راجع الأسفار ج 1 ص 352 . [3] أورده عليه الكاتبي في حكمة العين ، فراجع إيضاح المقاصد في شرح حكمة عين القواعد ص 27 . وتعرض له أيضا صدر المتألهين في الأسفار ج 1 ص 239 و 347 - 348 ، وفي شرح المطالع ص 134 ، وشرح المنظومة ص 51 ، وكشف المراد ص 68 ، وشوارق الالهام ص 121 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 55 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 92 . [4] كذا قال الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة الأولى من الفن الخامس من منطق الشفاء . [5] راجع إيضاح المقاصد ص 28 ، والأسفار ج 1 ص 239 و 347 - 348 ، وشرح المنظومة ص 52 . وأجاب عنه أيضا في شرح المطالع ص 134 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 55 ، وكشف المراد ص 68 ، وشوارق الالهام ص 121 .