الفصل الرابع في شطر من أحكام العدم قد تقدم [1] أن العدم لا شيئية له ، فهو محض الهلاك والبطلان [2] . ومما يتفرع عليه أن لا تمايز في العدم [3] ، إذ التمايز بين شيئين إما بتمام الذات كالنوعين تحت مقولتين أو ببعض الذات كالنوعين تحت مقولة واحدة أو بما يعرض الذات كالفردين من نوع ، ولا ذات للعدم . نعم ، ربما يضاف العدم إلى الوجود ، فيحصل له حظ من الوجود ويتبعه نوع من التمايز ، كعدم البصر الذي هو العمى ، والمتميز من عدم السمع الذي هو الصمم ، وكعدم زيد وعدم عمرو المتميز أحدهما من الآخر . وبهذا الطريق ينسب العقل إلى العدم العلية والمعلولية حذاء ما للوجود من ذلك ، فيقال : ( عدم العلة علة لعدم المعلول ) حيث يضيف العدم إلى العلة والمعلول فيتميز العدمان ، ثم يبنى عدم المعلول على عدم العلة كما كان يتوقف وجود المعلول على وجود العلة [4] ، وذلك نوع من التجوز [5] ، حقيقته الإشارة إلى ما بين الوجودين من التوقف [6] . ونظير العدم المضاف العدم المقيد بأي قيد يقيده كالعدم الذاتي والعدم الزماني والعدم الأزلي . ففي جميع ذلك يتصور مفهوم العدم ويفرض له مصداق على حد سائر المفاهيم ، ثم يقيد المفهوم فيتميز المصداق ، ثم يحكم على المصداق على ما
[1] في الفرع الثامن من الفروع المذكورة في الفصل الثاني . [2] راجع الأسفار ج 1 ص 340 - 341 ، وكشف المراد ص 29 - 30 . [3] راجع الأسفار ج 1 ص 348 ، وشرح المنظومة ص 47 . خلافا للمحقق الطوسي حيث ذهب إلى تمايز الأعدام ، فراجع كشف المراد ص 43 ، وشوارق الالهام ص 66 - 67 . [4] هذا أول الوجوه التي استدل المحقق الطوسي بها على تمايز الأعدام ، فراجع كشف المراد ص 43 ، وشوارق الالهام ص 66 - 67 . [5] كما في شرح المنظومة ص 48 . [6] وأجاب عنه أيضا صدر المتألهين في الأسفار ج 1 ص 350 - 351 .