الفصل الرابع عشر في العلة المادية والصورية قد عرفت [1] أن الأنواع التي لها كمال بالقوة لا تخلو في جوهر ذاتها من جوهر يقبل فعلية كمالاتها الأولى والثانية من الصور والأعراض . فإن كانت حيثيته حيثية القوة من جهة وحيثية الفعلية من جهة ، كالجسم الذي هو بالفعل من جهة جسميته وبالقوة من جهة الصور والأعراض اللاحقة لجسميته ، سمي : ( مادة ثانية ) . وإن كانت حيثيته حيثية القوة محضا ، وهو الذي تنتهي إليه المادة الثانية بالتحليل ، وهو الذي بالقوة من كل جهة إلا جهة كونه بالقوة من كل جهة ، سمي : ( هيولى ) و ( مادة أولى ) . وللمادة علية بالنسبة إلى النوع المادي المركب منها ومن الصورة ، لتوقف وجوده عليها توقفا ضروريا . فهي بما أنها جزء للمركب علة له ، وبالنسبة إلى الجزء الآخر الذي يقبله - أعني الصورة - مادة لها ومعلولة لها ، لما تقدم أن الصورة شريكة العلة للمادة [2] . وقد حصر جمع من الطبيعيين [3] العلية في المادة فقط ، منكرين للعلل الثلاث الآخر . ويدفعه أولا : أن المادة حيثية ذاتها القوة والقبول ، ولازمها الفقدان ، ومن الضروري أنه لا يكفي لإعطاء الفعلية وإيجادها الملازم للوجدان ، فلا يبقى للفعلية إلا أن توجد من غير علة ، وهو محال . وثانيا : أنه قد تقدم أن الشئ ما لم يجب لم يوجد [4] ، وإذ كانت المادة شأنها الإمكان والقبول فهي لا تصلح لأن يستند إليها هذا الوجوب المنتزع من وجود
[1] في الفصل الخامس والسادس والسابع من المرحلة السادسة . [2] في الفصل السادس وخاتمة الفصل السابع من المرحلة السادسة . [3] وهم الماديون المنكرون لما وراء الطبيعة . [4] راجع الفصل الخامس من المرحلة الرابعة .