الماهيات فيجوز اجتماعهما . والحجة على ذلك أن القبول - بمعنى الانفعال والتأثر - يلازم الفقدان ، والفعل يلازم الوجدان ، وهما جهتان متباينتان متدافعتان لا تجتمعان في الواحد من حيث هو واحد . وأما لوازم الماهيات مثلا كزوجية الأربعة فإن تمام الذات فيها لا يعقل خالية من لازمها حتى يتصور فيها معنى الفقدان ، فالقبول فيها بمعنى مطلق الاتصاف ، ولا ضير في ذلك . واحتج المشهور على الامتناع مطلقا بوجهين [1] : أحدهما : أن الفعل والقبول أثران متغايران ، فلا يصدران عن الواحد من حيث هو واحد . الثاني : أن نسبة القابل إلى مقبوله بالإمكان ونسبة الفاعل التام الفاعلية إلى فعله بالوجوب . فلو كان شئ واحد فاعلا وقابلا لشئ كانت نسبته إلى ذلك بالإمكان والوجوب معا ، وهما متنافيان ، وتنافي اللوازم مستلزم لتنافي الملزومات . والحجتان لو تمتا لم تدلا على أكثر من امتناع اجتماع الفعل والقبول - بمعنى الانفعال والتأثر - في شئ واحد بما هو واحد . وأما القبول - بمعنى الاتصاف كاتصاف الماهيات بلوازمها - ، فليس أثرا صادرا عن الذات يسبقه إمكان . والحجتان مع ذلك لا تخلوان من مناقشة . أما الأولى ، فلأن جعل القبول أثرا صادرا عن القابل يوجب كون القابل علة فاعلية للقبول ، فيرد الإشكال في قبول القابل البسيط للصورة حيث إنه يفعل القبول ويصير جزءا من المركب ، وهما أثران لا يصدران عن الواحد . وأما الثانية ، فلأن نسبة العلة الفاعلية - بما أنها إحدى العلل الأربع - إلى الفعل ليست نسبة الوجوب ، إذ مجرد وجود العلة الفاعلية لا يستوجب وجود المعلول ما لم ينضم إليها سائر العلل . اللهم إلا أن يكون الفاعل علة تامة وحدها . ومجرد
[1] وتعرض لهما وللإجابة عليهما الفخر الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 515 .