الاستعداد للفاعلية له كان يلزمه أولا قوة انفعالية لحصول ما يتم به كونه فاعلا ، فذلك الاستعداد المفروض لم يكن بالحقيقة لفاعليته ، بل لانفعاله ، فليس للفاعلية استعداد ، بل للمنفعلية أولا وبالذات وللفاعلية بالعرض . فثبت مما بينا بالبرهان أن لا قوة ولا استعداد بالذات لكون الشئ فاعلا ، بل إنما القوة والاستعداد للإنفعال ولصيرورة الشئ قابلا لشئ بعد أن لم يكن ) [1] ، انتهى . وأما نفس الاستعداد ، فقد قيل [2] : ( إنها من المضاف ، إذ لا يعقل إلا بين شيئين مستعد ومستعد له ، فلا يكون نوعا من الكيف ) ويظهر من بعضهم أنه كيف يلزمه إضافة [3] ، كالعلم الذي هو من الكيفيات النفسانية وتلزمه الإضافة بين موضوعه ومتعلقه - أعني العالم والمعلوم - وكالقدرة والإرادة . الفصل الخامس عشر في الكيفيات النفسانية الكيفية النفسانية ، وهي - كما قال الشيخ [4] - : ما لا يتعلق بالأجسام على الجملة ، إن لم تكن راسخة سميت ( حالا ) وإن كانت راسخة سميت ( ملكة ) ، وإذ كانت النسبة بين الحال والملكة نسبة الضعف والشدة وهم يعدون المرتبتين من الضعف والشدة نوعين مختلفين ، كان لازمه عد الحال مغايرا للملكة نوعا ووجودا . والكيفيات النفسانية كثيرة ، وإنما أوردوا منها في هذا الباب بعض ما يهم البحث عنه . فمنها : الإرادة ، قال في الأسفار : ( يشبه أن يكون معناها واضحا عند العقل
[1] راجع الأسفار ج 4 ص 105 - 106 . [2] والقائل فخر الدين الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 316 . ثم تبعه صدر المتألهين في الأسفار ج 4 ص 105 . [3] فيكون من قبيل الكيفيات ذات الإضافة . [4] راجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من الفن الثاني من منطق الشفاء .