الناطقة عنه ، فانّه تعالى لا يتجلَّى على العالم الدنيوي إلَّا بواسطته . فعند انقطاعه ينقطع عنه الأمداد الموجب لبقاء وجوده و كمالاته ، فينتقل الدنيا عند انتقاله ، و يخرج ما كان فيها من المعاني و الكمالات إلى الآخرة . قال رضى الله عنه في كتابه المسمّى ب « القسم الإلهي بالاسم الربّانى » ، « ألا ترى أنّ الدنيا باقية ما دام هذا الإنسان فيها ، و الكائنات تتكوّن ، و المسخّرات تتسخّر ؟ فإذا انتقل إلى الدار الأخرى ، مارت هذه السماء مورا ، [ 101 ] و سارت الجبال سيرا ، و دكَّت الأرض دكَّا ، و انتثرت الكواكب ، و كوّرت الشمس » إلى غير ذلك . و في كتاب الفكوك : « الإنسان الكامل الحقيقي هو البرزخ بين الوجوب و الإمكان و المرآة الجامعة بين صفات القدم و أحكامه و بين صفات الحدثان . . . و هو الواسطة بين الحق و الخلق . و به و من مرتبته يصل فيض الحق و المدد الذي هو سبب بقاء ما سوى الحق إلى العالم كله ، علوا و سفلا . و لولاه من حيث برزخيته التي لا تغاير الطرفين ، لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحدانى لعدم المناسبة و الارتباط ، و لم يصل إليه ، فكان يفنى . و إنّه عمد السموات و الأرض . و لهذا السرّ برحلته من مركز الأرض - التي هي صورة حضرة الجمع و أحديته و منزل خلافة الإلهية - إلى الكرسي الكريم و العرش المجيد المحيطين بالسموات و الأرض ، ينخرم نظامها ، فبدّل الأرض غير الأرض و السموات . « و لهذا نبّه أيضا عليه السلام على ما ذكرنا بقوله ، « لا تقوم الساعة و في الأرض من يقول ، « الله الله » . و أكَّده بالتكرير ، يريد ، « و في الأرض من يقول ، « الله » ، قولا حقيقيّا » ، إذ لو أراد « من يقول كلمة « الله » » ، لم يؤكَّد بالتكرار . و لا شك أنّه لا يذكر الله ذكرا حقيقيّا - و خصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء - إلَّا الذي يعرف الحق المعرفة التامّة . و أتمّ الخلق معرفة با لله في كل عصر خليفة الله ، و هو كامل ذلك العصر . فكأنّه يقول صلَّى الله عليه و سلَّم ، « لا تقوم الساعة و في الأرض إنسان كامل » . و هو المشار إليه بأنّه العمد المعنوي